وَيَحْرُمُ نَظَرُ فَحْلٍ بَالِغٍ إلَى عَوْرَةِ حُرَّةٍ كَبِيرَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ , وَكَذَا وَجْهُهَا وَكَفَّيْهَا عِنْدَ خَوْفِ فِتْنَةٍ، وَكَذَا عَنْدَ الْأَمْنِ عَلَى الصَّحِيحِ. انتهى

قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب:

وَتَحْتَجِبُ مُسْلِمَةٌ عن كَافِرَةٍ وُجُوبًا , فَيَحْرُمُ نَظَرُ الْكَافِرَةِ إلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أو نِسَائِهِنَّ} وَالْكَافِرَةُ لَيْسَتْ من نِسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ , وَلِأَنَّهَا رُبَّمَا تَحْكِيهَا لِلْكَافِرِ فَلَا تَدْخُلُ الْحَمَّامَ مع الْمُسْلِمَةِ , نعم يَجُوزُ أَنْ تَرَى منها ما يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ على الْأَشْبَهِ في الْأَصْلِ.

قال الْأَذْرَعِيُّ وهو غَرِيبٌ لم أَرَهُ نَصًّا بَلْ صَرَّحَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ بِأَنَّهَا مَعَهَا كَالْأَجْنَبِيِّ , وَكَذَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وهو ظَاهِرٌ فَقَدْ أَفْتَى النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ على الْمُسْلِمَةِ كَشْفُ وَجْهِهَا لها , وهو إنَّمَا يَأْتِي على الْقَوْلِ بِذَلِكَ الْمُوَافِقُ لِمَا في الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ في مَسْأَلَةِ الْأَجْنَبِيِّ. انتهى

قال السبكي: الأقرب إلى صنيع الأصحاب أن وجهها وكفيها عورة في النظر. انتهى

وقال البلقيني: الترجيح بقوة المدرك والفتوى على ما في المنهاج وما نقله الإمام من الاتفاق على منع النساء - أي من الخروج سافرات -. انتهى

قال الرملي معقباً على دعوى الجمع بين كلام أئمة الشافعية وما نقل عن القاضي عياض: ظاهر كلامهما أن الستر واجب لذاته فلا يتأتى هذا الجمع , وكلام القاضي - عياض - ضعيف. انتهى من نهاية المحتاج

وقال الرملي في نهاية المحتاج في الجنائز:

وممن استثنى الوجه والكفين المصنف - يقصد النووي - في مجموعه لكنه فرضه في الحرة , ووجوب سترهما في الحياة ليس لكونهما عورة , بل لكون النظر إليهما يوقع في الفتنة. انتهى

قال الجمل في حاشيته على المنهج:

قوله (وعورة حرة غير وجه وكفين) وهذه عورتها في الصلاة وإما عورتها عند النساء المسلمات مطلقا وعند الرجال المحارم فما بين السرة والركبة وأما عند الرجال الأجانب فجميع البدن. انتهى

قال الدمياطي في إعانة الطالبين:

(قوله غير وجه وكفين) مفعول ستر , أي يجب أن تستر سائر بدنها حتى باطن قدمها ما عدا وجهها وكفيها , وذلك لقوله تعالى {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قال ابن عباس وعائشة هو الوجه والكفان , ولأنهما لو كانا عورة في العبادات لما وجب كشفهما في الإحرام , ولأن الحاجة تدعو إلى إبرازهما.

واعلم أن للحرة أربع عورات فعند الأجانب جميع البدن , وعند المحارم والخلوة ما بين السرة والركبة , وعند النساء الكافرات ما لا يبدو عند المهنة , وفي الصلاة جميع بدنها ما عدا وجهها وكفيها. انتهى

قال السيوطي في الإكليل:

قوله تعالى {يدنين عليهن من جلابيبهن} هذه آية الحجاب في حق سائر النساء , ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن. انتهى

وقال السيوطي في الأشباه والنظائر ص240:

المرأة في العورة لها أحوال حالة مع الزوج ولا عورة بينهما وفي الفرج وجه وحالة مع الأجانب وعورتها كل البدن حتى الوجه والكفين في الأصح وحالة مع المحارم والنساء وعورتها ما بين السرة والركبة وحالة في الصلاة وعورتها كل البدن إلا الوجه والكفين. انتهى

قال البيضاوي في تفسيره:

{يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} يغطين وجوههن وأبدانهن بملاحفهن إذا برزن لحاجة , و {من} للتبعيض فإن المرأة ترخي بعض جلبابها وتتلفع ببعض. انتهى

وقال البيضاوي عند قوله {إلا ما ظهر منها}:

عند مزاولة الأشياء كالثياب والخاتم فإن في سترها حرجا , وقيل المراد بالزينة مواضعها على حذف المضاف , أو ما يعم المحاسن الخلقية والتزيينية والمستثنى هو الوجه والكفان , لأنها ليست بعورة , والأظهر أن هذا في الصلاة لا في النظر , فإن كل بدن الحرة عورة لا يحل لغير الزوج والمحرم النظر إلى شيء منها إلا لضرورة كالمعالجة وتحمل الشهادة. انتهى

قال الشهاب في شرحه:

ومذهب الشافعي رحمه الله كما في الروضة وغيره: أن جميع بدن المرأة عورة حتى الوجه والكف مطلقاً , وقيل: يحل النظر إلى الوجه والكف إن لم يخف , وعلى الأول: هما عورة إلا في الصلاة , فلا تبطل صلاتها بكشفهما. انتهى

وقال الحافظ ابن حجر (الفتح 1/ 249):

قوله (احجب) أي امنعهن من الخروج من بيوتهن , بدليل أن عمر بعد نزول آية الحجاب قال لسودة ما قال كما سيأتي قريبا , ويحتمل أن يكون أراد أولاً الأمر بستر وجوههن , فلما وقع الأمر بوفق ما أراد , أحب أيضاً أن يحجب اشخاصهن مبالغة في التستر فلم يجب لأجل الضرورة. انتهى

قال الحافظ ابن حجر أيضاً في الفتح (12/ 245): ومن المعلوم أن العاقل يشتد عليه أن الأجنبي يرى وجه زوجته وابنته ونحو ذلك. انتهى

والله الموفق

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015