والخطأ الجسيم أو الفاحش هو الذي لا يمكن أن يقع فيه طبيب أو جراح مماثل. فإذا فعل الطبيب المعالج ما يفعله طبيب متوسط في نفس المهنة والمستوى في نفس الظروف فإنه سلوكه لا يوصف بالخطأ (17). قال الشافعي رحمه الله: (و إذا أمر الرجل أن يحجمه أو يختن غلامه, أو يبيطر دابته فتلفوا من فعله, فإن كان فعل ما يفعل مثله مما فيه الصلاح للمفعول به عند أهل العلم بالصناعة فلا ضمان عليه وإن كان فعل ما لا يفعل مثله من أراد الصلاح وكان عالماً به فهو ضامن) (18).

كيفية الإثبات

يعتمد القاضي في إثبات موجب المسؤولية على أدلة الإثبات الشرعية التي منها:

أثر1) الإقرار وهو أقوى الأدلة، والإقرار حجة كاملة يثبت القاضي الحكم استناداً إليها ولو رجع عن إقراره أو أنكره ما دام مرتبطاً بحق آدمي.

2) والشهادة مثل شهادة طبيب آخر أو ممرض أو مساعد على فعلٍ معين، فإذا كانت الشهادة على حصول واقعة معينة فإنه يشترط فيها ما يشترط في الإثبات بعامّةٍ. وأما الشهادة على التقصير في الإجراء أو مخالفة الأصول العلميّة فهذا لا يقبل إلا من أهل خبرة و اختصاص (19).

3) المستندات الخطية والتقارير الموجودة في سجلات المستشفيات. بشرط أن يكون لها حماية خاصة وأن يحافظ عليها من العبث. أثر الإثبات:

لا يخلو الخلل أو الخطأ الحاصل من الطبيب إما أن يكون خطأ نظامياً محضاً لا علاقة للمريض به مثل ممارسة العمل دون ترخيص فهذا راجع للحق العام وعقوبته محددة في نظام مزاولة مهنة الطب ويمكن الإطلاع عليه (20).

ومن أمثلته قرار اللجنة الطبية الشرعية بالرياض رقم 924 في 14/ 5/1418هـ فقد ادعى المريض أنه كان يعاني من بواسير بسيطة وأنه راجع الطبيب فأجرى له عملية بواسير وحصلت له أوجاع فشخص بأنها ناسور وبقايا وبواسير.

وقد حكمت اللجنة في الحق الخاص ثم قررت بالنسبة للحق العام أن المدعى عليه (الطبيب) قد تجاوز اختصاصه حيث أنه طبيب مقيم مسالك بولية وقام بعمل الجراحة لذا فقد اتخذت نحوه عقوبة للحق العام.

النوع الثاني الحق الخاص وموجبات المسؤولية فيه أربعة:

1) كون الطبيب غير مؤهل (21).

2) مخالفة الطبيب للأصول العلمية.

3) كونه غير مأذون له (22).

4) ألا يهدف من عمله إلى الشفاء أو تحقيق مصلحة مشروعة كعمليات التجميل التحسينية وتغيير الجنس والإجهاض المحرم وموت الرحمة وغيرها. أما إن أذن المريض للطبيب بإجراء معين يقصد منه الشفاء أو تخفيف المرض فأجراه على وفق الأصول العلمية فترتب عليه تلف عضو أو نفس فلا ضمان على الطبيب باتفاق أهل العلم (23).

ومن الأسباب الموجبة للمسئولية: تعمّد الجناية وهو مما لا يحصل من الأطباء بحمد الله غالباً والعمد موجبٌ للقَوَد من الطبيب وغيره سواء (24). أمثلة لبعض قرارات اللجنة الطبية الشرعية: المثال الأول (25)

قال المدعي: إن زوجتي كانت تعاني من آلام في المرارة مع وجود حصوة فيها وقد راجعت المستشفى وبعد إجراء الفحوصات تقرر إجراء عملية في اليوم التالي وقد تم اجراء العملية بواسطة المنظار وقد أخطأ الأطباء في تفتيت الحصوة بالجهاز وتسببوا في قطع شرايين في البطن وتم إجراء عملية فتح بطن مما أدى إلى فقدان 80% من دمها وبسبب ذلك أدخلت العناية المركزة ثم انتقلت إلى رحمة الله وحيث إن الذي حصل لزوجتي كان نتيجة إهمال أو جهل في العمل لذا أطلب الحكم على المتسبب في وفاة زوجتي بدفع ديتها والعقوبة الإدارية.

الدراسة والقرار:

(وبدراسة أقوال المدعي والمدعى عليهم ونظراً إلى ما يشتمل عليه ملف الدعوى من تقارير وتحقيقات وحيث قرر المدعي مطالبته بدية مورثة موكليه وحيث أن وفاة المريضة ناتج عن النزيف ومضاعفاته والذي حدث أثناء إجراء عملية المرارة بالمنظار حيث حدث هبوط مفاجئ في ضغط الدم أثناء إدخال إبرة فرس بواسطة الدكتور (س) كما حدث هبوط مفاجئ آخر بعد تحسن الضغط عندما ادخل الدكتور (ص) المثقاب كما اتضح وجود ثقب في الشريان والوريد الحرقفي العام وثقب في الوريد الأجوف السفلي وحيث إن الطبيبين عندما حصل هبوط الضغط وفتحا بطن المريضة لم يقوما بالفتح المناسب لاستكشاف البطن مما نتج عنه عدم قدرتهما على اكتشاف مدى شدة النزيف مما أدى إلى دخول المريضة في صدمة شديدة أدت مضاعفاتها إلى الوفاة كما اتضح عدم وجود الخبرة الكافية لدى الطبيبين في جراحة المناظير .. أما طبيب التخدير

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015