وهذا دليل على مزيد تواضعه وبراءته من جميع أنواع الكبر وفيه أنواع من المبالغة من جهة أنه ذكر المرأة لا الرجل والأمة لا الحرة وعمم بلفظ الإماء أي أمة كانت وبقوله حيث شاءت من الأمكنة وعبر عنه بالأخذ باليد الذي هو غاية التصرف ونحوه

الكتاب: عمدة القاري شرح صحيح البخاري

المؤلف: بدر الدين العيني الحنفي

4045 - [4] (متفق عليه)

وعن عائشة قالت في بيعة النساء: إن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يمتحنهن بهذه الآية: (يا أيها النبي صلى الله عليه و سلم إذا جاءك المؤمنات يبايعنك)

فمن أقرت بهذا الشرط منهن قال لها: " قد بايعتك " كلاما يكلمها به والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة

وهذا يدل على أن تلك الأمة كانت صغيرة أو طفلة من اطفال المدينة وهذا اقرب ما يكون إلى تواضعه عليه افضل االصلاة والسلام وشاهد هذا في فتح الباري كما سوف ياتي:

5724 - قوله وقال محمد بن عيسى أي بن أبي نجيح المعروف بابن الطباع بمهملة مفتوحة وموحدة ثقيلة وهو أبو جعفر البغدادي نزيل أذنة بفتح الهمزة والمعجمة والنون وهو ثقة عالم بحديث هشيم حتى قال علي بن المديني سمعت يحيى القطان وبن مهدي يسألانه عن حديث هشيم وقال أبو حاتم حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع الثقة المأمون ورجحه على أخيه إسحاق بن عيسى وإسحاق أكبر من محمد وقال أبو داود كان يتفقه وكان يحفظ نحو أربعين ألف حديث ومات سنة أربع وعشرين ومائتين وحدث عنه أبو داود بلا واسطة وأخرج الترمذي في الشمائل والنسائي وبن ماجة من حديثه بواسطة ولم أر له في البخاري سوى هذا الموضع وموضع آخر في الحج قال محمد بن عيسى حدثنا قال حماد ولم أر في شيء من نسخ البخاري تصريحه عنه بالتحديث وقد قال أبو نعيم بعد تخريجه ذكره البخاري بلا رواية وأما الإسماعيلي فإنه قال قال البخاري قال محمد بن عيسى فذكره ولم يخرج له سندا وقد ضاق مخرجه على أبي نعيم أيضا فساقه في مستخرجه من طريق البخاري وغفل عن كونه في مسند أحمد وأخرجه أحمد عن هشيم شيخ محمد بن عيسى فيه وإنما عدل البخاري عن تخريجه عن أحمد بن حنبل لتصريح حميد في رواية محمد بن عيسى بالتحديث فإنه عنده عن هشيم أنبأنا حميد عن أنس وحميد مدلس والبخاري يخرج له ما صرح فيه بالتحديث قوله فتنطلق به حيث شاءت في رواية أحمد فتنطلق به في حاجتها وله من طريق علي بن زيد عن أنس إن كانت الوليدة من ولائد أهل المدينة لتجيء فتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه و سلم فما ينزع يده من يدها حتى تذهب به حيث شاءت وأخرجه بن ماجة من هذا الوجه والمقصود من الأخذ باليد لازمه وهو الرفق والانقياد وقد اشتمل على أنواع من المبالغة في التواضع لذكره المرأة دون الرجل والأمة دون الحرة وحيث عمم بلفظ الاماء أي أمة كانت وبقوله حيث شاءت أي من الأمكنة والتعبير بالأخذ باليد إشارة إلى غاية التصرف حتى لو كانت حاجتها خارج المدينة والتمست منه مساعدتها في تلك الحاجة لساعد على ذلك وهذا دال على مزيد تواضعه وبراءته من جميع أنواع الكبر صلى الله عليه و سلم وقد ورد في ذم الكبر ومدح التواضع أحاديث من أصحها ما أخرجه مسلم عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم قال لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر فقيل إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا قال الكبر بطر الحق وغمط الناس والغمط بفتح المعجمة وسكون الميم بعدها مهملة هو الازدراء والاحتقار وقد أخرجه الحاكم بلفظ الكبر من بطر الحق وازدري الناس والسائل المذكور يحتمل أن يكون ثابت بن قيس فقد روى الطبراني بسند حسن عنه أنه سأل عن

الكتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري

المؤلف: أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني

هذا والله أعلم

ـ[عبد الرشيد الهلالي]ــــــــ[05 - 02 - 08, 12:22 ص]ـ

الحمد لله وبعد فيجب أن يعلم أن النهي عن مصافحة النساء هو من باب النهي عن الوسائل المفضية الى الحرام. وحتى لايرتع العبد في الحمى نهي عن الحومان حول الحمى.ومصافحة النساء من الصغائر التي تصير كبيرة بإصرار الرجل عليها. وماترك النبي عليه الصلاة والسلام مصافحة المبايعات إلالهذا المعنى ولئن وثق عليه السلام في نفسه فهل يثق في سلامة قلوب المصافحات كما أنه لو فعله مرة لاتخذه المسلمون دليلا على اتيان هذا الامر مع ما ينشأ عنه من مفاسد تأباها مقاصد هذه الشريعة،فكان امتناعه عليه السلام من ذلك موافقا لروح شريعته ومقاصدها. هذا في الحرائر من النساء فأما الاماء فشأنهن اهون وأيسر خاصة الولائد منهن اي الصغيرات وشأنهن في أمر الحجاب معروف. ثم ان العبارة تدل على ندرة وقوع ذلك وهي محتملة للأخذ الحسي باليد وللأخذ المعنوي فلا يترك المحكم للمتشابه ويرحم الله الحسن البصري،فقد جاءته امرأة من الصالحات فقال لها: لولا أن رسول الله نهى عن المصافحة لصافحتك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015