(كان النسائي شديد الانتقاء لشيوخه، عظيم التحري فيمن يروي عنه؛ واتضح ذلك على أجلى وجه في هذا البحث، كما سألخصه في الإحصائية التالية:

? الذين ضعفهم النسائي من شيوخه سبعة فقط: ثلاثة في تسمية مشايخه ---، وأربعة في الملحق الأول----، بل هؤلاء السبعة يخرج منهم خمسة، الراجح في شأنهم – حسب إجتهاد الحافظ ابن حجر في التقريب – أنهم في مراتب الاحتجاج---.

? أما الذين لم نجد للنسائي فيهم جرحاً أو تعديلاً، وكلهم إنما وردوا في الملحق الأول والثاني؛ وقد بلغ عددهم: خمسة وأربعين شيخاً = فجلهم معدلون محتج بهم؛ حيث إن إثنين وثلاثين منهم لا ينزلون عن مرتبة الاحتجاج، وهم: في الملحق الأول (رقم16، 31، 42، 52، 69، 91، 97، 101، 107، 111، 143، 162، 164، 172، 175، 180، 184، 185، 188، 195، 202، 209، 212، 225، 233)؛ وفي الملحق الثاني (رقم 1، 2، 4، 5، 7، 8، 12)؛ وأما البقية، وهم ثلاثة عشر شيخاً: في الملحق الأول: (رقم 63، 66، 85، 118، 117، 197، 198، 199، 228، 145، 252)؛ وفي الملحق الثاني (8، 10، 11) = فكلهم قال الحافظ ابن حجر فيهم عبارة (مقبول)؛ ولا يخفى أن عبارة (مقبول) عند الحافظ هي عبارة عن أخف مراتب الجرح.

فلا نكاد نكون مبالغين إن قلنا: إن مجرد رواية النسائي – بانتقائه الشديد ذاك – يرفع من شأنهم، وربما كفى في تعديلهم.

وبذلك نخرج أنه ليس في شيوخ النسائي من هو (عنده) ضعيف، على وجه التحقيق والقطع في ذلك = إلا شيخان فقط هما اللذان وردا في تسمية شيوخه برقم (112، 192).

وما نسبة اثنين من سبعة وخمسين وأربعمئة شيخ؟!

هذه – تالله – شهادة شرف للنسائي، يكاد ينفرد بها.

فلا نستغرب بعد ذلك أن يدافع الخطيب البغدادي عن أحد شيوخ النسائي، (وهو أحمد بن عبد الرحمن بن بكار الدمشقي)، بعد ذكره لجرح فيه من أحد الأئمة، بقوله عنه في تاريخ بغداد (4/ 242): (وقد حدث عنه من الأئمة أبو عبد الرحمن النسائي وحسبك به)؛ وأن يصفه الذهبي بأنه نظيف الشيوخ كما في (المغني في الضعفاء: رقم 487).

انتهى الجزء والله الموفق لما فيه من نفع وإصابة

تنبيه: ذكر التهانوي في (قواعد في علوم الحديث) (ص214 - 226) وعبد الفتاح أبو غدة في التعليق عليه جماعة من الرواة وصفاهم بعدم الرواية الا عن الثقات فأولئك الرواة داخلون في شرطي في هذا الجزء، ولكنني أعرضت عن ذكرهم لما تبين لي من بطلان دعوى ذلك الوصف في حقهم ولا سيما أن التهانوي ليس من أهل هذا الشأن ولا خبرة عنده بصنعة المحدثين وإن صنف فيها.

************************************************** ************************************************** ************************************************** *******************************************

الهوامش:

(1) في مطبوعة الأسئلة (الضعف) ولعل الصواب ما أثبته.

(2) يريد شيخ الاسلام رضي الله عنه.

(3) كذا، ولو قال الاحتجاج لكانت أجود.

(4) وذكر أحد عشر رجلاً من شيوخ أحمد.

(5) نقله الزركشي في النكت على مقدمة ابن الصلاح 3/ 372 والدكتور بشار في تعليقه على (تهذيب الكمال) (1/ 286).

(6) قال مؤلفا تحرير التقريب (2/ 351): «قوله هذا مدفوع برواية اثنين آخرين عنه مع حريز».

(7) قال ابن حجر في تهذيب التهذيب: «قال أبو حاتم: إمام من الأئمة، كان لا يدلس، ويتكلم في الرجال وفي الفقه وليس بدون عفان ولعله أكبر منه 000 ولقد حضرت مجلس سليمان بن حرب ببغداد فحزروا من حضر مجلسه أربعين ألف رجل، فأتينا عفان فقال: ما حدثكم أبو أَيوب فإذا هو يعظمه.

(8) يعني الذي يعم جميع مراتب القبول.

(9) وراجع الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (1/ 22) و (1/ 151 - 152) والعلل ومعرفة الرجال لعبد الله بن أحمد (2/ 64) والمجروحين لابن حبان (1/ 209) وديوان الضعفاء والمتروكين للذهبي (1/ 148) والميزان له (4/ 540) و (4/رقم 10098 ورقم 10325) والموقظة له (ص81 - 82) والمغني في الضعفاء له (ترجمة أبي الضحاك) وتهذيب الكمال للمزي (12/ 490) وتهذيب التهذيب لابن حجر (1/ 4 - 5) و (1/ 516) والنكت له (1/ 259) واعلام الموقعين لابن القيم (1/ 202) ونظم الفرائد بما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد للعلائي (ص369) وشرح علل الترمذي لابن رجب (1/ 378) وعون المعبود للعظيم آبادي (1/ 229).

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015