7 - لم يصفه أحد من السابقين ولا اللاحقين بأنه سريع التكذيب حتى الذين أوردوا له هذه القصة طوال أربعة عشر قرناً حتى تبادر فضيلتك فتصفه بهذا الوصف.

8 - من قال بأن الحارث أعلم بحديث علي من الشعبي؟ إذا كان الشعبي أعلم بالمغازي التي رواها من ابن عمر الذي رآها بشهادة ابن عمر نفسه وقول الشعبي: ما سمعت منذ عشرين سنة من رجل يحدث بحديث إلا وأنا أعلم به منه (أي بمعناه) فمع هذا العلم الغزير والفهم القويم هل يقدم علم الحارث على علم الشعبي بحديث علي ومن أين استنبطته؟

9 - لا تجزم بما لا تعرف ولا تقل إن تكذيب الشعبي للحارث إنما هو من جهة رأيه لا غير فقد نقلنا لك من تذكرة الحفاظ للذهبي قوله في الحارث لقد تعلمت منه حساب الفرائض والجد فخشيت على نفسي منه الوسواس فلا أدري ممن تعلمه فالرجل لم يرو عنه بل اكتفى في البداية وبعد أن عرف حاله بتعلم الفرائض منه.

ثم خاف على نفسه الوسواس لعدم وثوقه بالحارث وبكلامه عمن تعلمه وإلا لسأله ولكنه جرب عليه الكذب.

27 - وتابع الغماري ص40:

" و إلا لما أخذ (الشعبي) عنه (الحارث) وتعلم منه وهو معدود من الرواة عن الحارث ".

قلت: لا مانع من الرواية عنه مع بيان حاله وقد روى مسلم في مقدمة صحيحه عنه قوله حدثني الحارث وكان كذاباً. فالرجل روى عنه مع بيان حاله وهذا أبو حنيفة يروي عن جابر الجعفي ويقول ما رأيت في التابعين أكذب منه. أحوال الرجال للجوزجاني ص50.

أما التعلم فتعلم منه الحساب وقال ما رأيت أحسب منه.

28 - وتابع الغماري ص40:

" لاسيما والكذب لم يكن له سوق بين التابعين ولا له رواج على لسانهم ..... وما صار التابعون يأخذون الحذر من الرواة ويحتاطون في الأخذ حتى وقعت الفتنة فلما وقعت نظروا من كان من أهل السنة أخذوا حديثه ومن كان من أهل البدع تركوا حديثه - كما قال ابن سيرين رحمه الله ".

أقول: قال الزهري " وقعت الفتنة وأصحاب رسول الله ? متوافرون " شرح الطحاوية ص609 الطبعة الأولى للمكتب الاسلامي. فوقعت الفتنة بين علي ومعاوية وبين علي وعائشة وبين علي والمنشقين عنه من الخوارج وهذه الفتن جميعها في عهد الصحابة وقام كثيرون من أنصار كل فرقة ووضعوا أحاديث تؤيد فريقهم في الفتنة وتدحض الطرف الآخر عداء للإسلام وأهله ومنهم تديناً ظناً منهم كما أجاب أحدهم عندما ذكر بحديث " من كذَبَ عليَّ فليتبوأ مقعده من النار " أجاب إنا نكذب له لاعليه. وهذا أبو حنيفة يقول عن شيخه جابر الجعفي ما رأيت أكذب منه وهذا الحارث قد كذبه الشعبي فالكذب موجود في عهد التابعين نتيجة لدخول أعداء الإسلام فيه ليطعنوه من الداخل كما تفعل أنت يا غماري وإلا فما غرضك من توثيق كذاب أجمع علماء الأمة سلفهم وخلفهم منذ أربعة عشر قرناً على رد حديثه.

وقد روى مسلم في مقدمة صحيحه 1/ 80 عن ابن عباس: إنا كنا نحدث عن رسول الله ? إذ لم يكن يكذب عليه فلما ركب الناس الصعب والذلول تركت الحديث عنه.

وقال أيضاً: إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلاً يقول قال رسول الله ? ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف.

إذن في عهد ابن عباس ركب الناس الصعب والذلول وكذبوا على رسول الله ? لذا أخذ يرد حديثهم ولا يأخذ منهم إلا ما يعرف وهذا في عهد الصحابة فما بالك بعصر التابعين.

وقال البخاري في التاريخ الصغير 1/ 147:

1 - فأوحى المختار الثقفي ابن الربعة الخزاعي وهو صحابي فقال: إنك شيخ أدركت النبي ? ولا تكذَّبُ بما حدثت عنه فقونا بحديث النبي ? وهذه سبعمائة دينار. قلت الكذب على النبي ? النار وما أنا بفاعل.

2 - يقول محمد بن عمار بن ياسر قدمت على رجل (أي المختار) يفتري على الله ورسوله.

3 - يقول عدي بن حاتم أشهد أن هذا كذاب يعني المختار.

4 - يقول صلة: قاتل الله الكذاب (المختار) أي حديث أفسد وأي شيعة شان.

فإذا كان الكذب على رسول الله ? انتشر في عهد ابن عباس والصحابة فهل يصدق قولك " والكذب لم يكن له سوق بين التابعين ولا له رواج على لسانهم " فلا أدري أجهلاً قولك هذا أم كذباً؟

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015