الفرق بين قيام الحجة وحصول العلم - إشكالات

ـ[أبو محمود الراضي]ــــــــ[13 - 09 - 06, 12:17 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخوة الأفاضل .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هناك بعض الإشكالات في مسألة حديث الآحاد التي أرجو أن نطرحها للنقاش وهي:

1 - الاحتجاج بحديث الآحاد مع عدم إفادته للعلم اليقيني وإفادته للظن إلا إذا احتفت به القرائن .. فالمنكرون للأخذ بالآحاد يقولون " إذا كان يفيد الظن فكيف يتم العمل به في العقيدة وهي لا تحتمل الظن .. بل تثبت باليقين "

وبعض ممن ينكرون يستدلون بأدلة على عدم إفادة حديث الآحاد القطع ليبطلون بها الاحتجاج به.

2 - الحديث الصحيح الذي ليس له معارض ولم يطعن فيه أحد من أهل العلم ولو لم يخرج في الصحيحين ألا يعتبر مما تلقته الأمة بالقبول وبالتالي هو مما احتف بالقرائن؟؟

3 - هل هناك فرق بين إقامة الحجة وحصول العلم الضروري؟؟ وأوضح بمثال:

إذا أتى رجل مسلم على أهل بلد غير مسلمين .. فدعاهم إلى الإسلام .. وبين لهم الإسلام الصحيح .. هل هؤلاء القوم قامت عليهم الحجة أم حصل لهم العلم الضروري؟؟

وإذا لم يكن هناك فرق بين إقامة الحجة وحصول العلم فهذا يعني إفادة خبر الواحد للعلم القطعي دونما نظر لموضوع القرائن.

ومثل ذلك دعوة أبي بكر الصديق رضي الله عنه للسابقين من الصحابة .. ومثل ذلك في دعوات رسل رسول الله إلى أهل البلاد كاليمن وغيرها.

وإذا كان هناك فرق .. فما هو؟؟

أرجو طرح الموضوع للمناقشة العلمية إخواني .. وجزاكم الله خيراً كثيراً

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[13 - 09 - 06, 12:57 م]ـ

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

يمكن الإجابة عما سبق بأن يقال للشخص هل تقبل خبر الآحاد إذا صح أم لاتقبله؟ فإن كان قبله وثبت عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله فليس هناك فرق بين التحليل والتحريم وبين غيرها من الغيبيات، فمن حرم حلالا أو أحل حراما فقد نسبه إلى الله تعالى وأنه من عند الله تعالى

{وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ} (116) سورة النحل.

فمن أخذ بخبر الآحاد في الأحكام فقد نسب هذا الأمر لله تعالى وجعله من حكمه

يقول تعالى {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (33) سورة الأعراف

فإذا قال مثلا من ضحك في الصلاة فقد وجب عليه الوضوء، فقد نسب هذا إلى الله تعالى وجعله من حكمه وهذا مثل العقيدة تماما، فمثل ما تعتقد في صفة الله كذلك تعتقد في حكم الله، وحكم الله صفة من صفاته وهي من العقيدة.

فالأحكام الشرعية عقيدة من عقائد الإسلام. (وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)

فإما أن يقبل خبر الآحاد في الجميع أو يردها في الجميع.

ومثل هذه الوساوس التي أحدثها علماء الكلام ومن تبعهم في تفريقهم بين العقيدة والحكم الشرعي في خبر الآحاد أقوال فاسدة مناقضة لدين الإسلام وعمل الصحابة الكرام، فلم يثبت عن أحد من الصحابة رضوان الله عليهم أنه لم يقبل خبر الآحاد في العقيدة وقبله في الأحكام، وكم كانوا يسمعون من الآحاديث من الصحابة الآخرين ولم يفصلوا هذا التفصيل المحدث.

وبعد أن دخل علم الكلام ظهرت هذه الوساوس، وأصبح بعضهم يفرق بين العقيدة والأحكام ليتسنى له رد أحاديث الصفات التي لاتوافق تأويلاتهم.

وهذا جزء من المصائب التي جرها علم الكلام إلى بعض من ينتسب للعلم الشرعي.

والسؤال المهم هو: من أول من فرق بين قبول خبر الآحاد في الأحكام وبين قبوله في العقيدة؟ وما هو دليله؟ وهل ثبت عن أحد من الصحابة أو من تبعهم بإحسان هذا التفريق؟

ـ[أبو محمود الراضي]ــــــــ[14 - 09 - 06, 10:26 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

جزاكم الله خيراً شيخنا الفقيه .. وبالنسبة للنقطة الثانية: الحديث الصحيح الذي ليس له معارض ولم يطعن فيه أحد من أهل العلم ولو لم يخرج في الصحيحين ألا يعتبر مما تلقته الأمة بالقبول وبالتالي هو مما احتف بالقرائن؟

ثم وقفت أمس على عبارة لابن الأثير في جامع الأصول (1/ 122) وشرحها الشيخ الخضير في شرح النخبة حيث قال:

" ينقسم عدد المخبرين إلى ناقص فلا يفيد العلم .. وإلى كامل فيفيد العلم .. وإلى زائد يحصل العلم ببعضه .. والكامل وهو أقل عدد يورث العلم ليس معلوماً لنا .. لكننا بحصول العلم الضروري نتبين كمال العدد .. لا أنا بكمال العدد نستدل على حصول العلم "

وفي مختصر التحرير وشرحه يقول الفتوحي: " ولا ينحصر التواتر في عدد عند أصحابنا والمحققين .. ويعلم حصول العدد إذا حصل العلم ولا دور .. إذ حصول العلم معلول الإخبار ودليله كالشبع والري معلول المشبع والمروي ودليلهما وإن لم يعلم ابتداءاً القدر الكافي منهما .......

إذ الظن يتزايد بتزايد المخبرين تزايداً خفياً تدريجياً كتزايد النبات وعقل الصبي ونمو بدنه ونور الصبح فلا يدرك "

وما فهمته من تلك العبارة أن حصر التواتر بعدد معين باطل .. بل متى حصل العلم الضروري بصدق المخبرين وعدم إمكانية تواطؤهم على الكذب كان عددهم كافياً لإثبات التواتر ولو كانوا اثنين أو ثلاثة أو أربعة.

نرجو الإفادة لتأييد هذا الفهم أو نقضه

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015