وخالفهم دَغْفَل بن حَنْظَلة، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن خمس وستين سنة، فقد أخرج البخاري في (التاريخ الكبير) ()، والترمذي في (الشمائل المحمدية) () وأبو يعلى ()، والطبراني () وغيرهم، عن معاذ بن هشام الدستوائي، عن أبيه، عن قتادة عن الحسن، عن دَغْفَل به. قال البخاري عقب إخراجه الحديث:
«لا يتابع عليه، ولا يُعرف سماع الحسن من دَغْفَل، ولا يُعرف لدَغْفَل إدراك النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عباس وعائشة ومعاوية: «توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين، و هذا أصح» ().
وقال الترمذي أيضاً عقب إخراجه الحديث:
«ودَغْفَل لا نعرف له سماعاً من النبي، وكان في زمن النبي رجلاً» ().
وقال الحافظ ابن حجر: «قال عمرو بن علي: روى أن النبي صلى الله عليه وسلم، قُبض وهو ابن خمس وستين سنة، وليس بصحيح أنه سمع منه، وعدَّه ابن المديني في المجهولين من شيوخ الحسن» (). والحسن البصري روى عن دَغْفَل بن حَنْظَلة هذا الحديث، وحديث: «كان على النصارى صوم رمضان …» قال الإمام أحمد: «لا أعلم رُوي عن دَغْفَل غيرهما» ().
هذا ولعل الشيخ سليمان قد أصاب في تعقبه على الذهبي، بأن مخالفة الصحابة لدِغْفَل بن حَنْظَلة في سِن النبي صلى الله عليه وسلم، لا توجب ضعفه، بل قد قال الذهبي نفسه في (ميزان الاعتدال):
«دَغْفَل بن حَنْظلة النسَّابة. روى عنه الحسن البصري شيئاً في سِن النبي صلى الله عليه وسلم، خولف فيه، ولم يضعفه أحد» ().
وهذا صحيح فلم يضعفه أحد من الأئمة، إلا ما سبق عن علي بن المديني في تجهيله.
ولم يصب الذهبي في (ميزان الاعتدال) () عندما عقَّب قول الإمام أحمد عن دَغْفَل: «ما أعرفه» بقوله:
«يكفي في جهالته كون أحمد ما عرفه، و هو ذهلي شيباني».
وأصاب مقصد الإمام أحمد، ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) () عندما تعقبه بقوله: «يعني لا يَعْرف له صحبة أم لا» وهذا هو ظاهر المقصود من السؤال وجوابه، فقد قال السائل للإمام أحمد ـ كما في (الجرح والتعديل): «دَغْفَل بن حَنْظَلة له صحبة؟ قال: ما أعرفه».
هذا ولم يصب الشيخ سليمان في أن دَغْفَلاً أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وقد تبع في ذلك قول ابن حبان حيث قال:
«دَغْفل أدرك النبي صلى الله عليه وسلم» ().
وهذا ليس بصحيح، بل الصحيح أن دَغْفل لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تصح له صحبة، كما قرر ذلك أكثر الأئمة كأحمد، والبخاري، والترمذي، وعمرو بن علي الفلاس وابن سعد، وابن أبي خيثمة، كما نقله الحافظ عنهم ()، وهو ما قرره الحافظ الذهبي () وابن حجر ().
وأحسن أحواله أنه مستور «وقد رُوي في حديث طويل لقاء دَغْفل بن حَنْظلة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وذلك في حديث عَرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل في الموسم بمكة. فتذكر الرواية أن دَغْفلاً كان غلاماً، فوقف عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأن أبا بكر أخذ يسأل عن الأنساب سؤال الخبير، فكان دَغْفل يجيبه، ثم أخذ دَغْفل يسأل أبا بكر، حتى أسكت أبا بكر رضي الله عنه، فقال أبو بكر: «البلاء مُوكَّل بالمنطق» …والحديث بالغ الطول، كثير الغرائب، منكر اللفظ جداً.
ودلائل الوضع بادية عليه، من تكلف وتصنع وتطويل. وأعلم من تكلم عن هذا الحديث الحافظ العقيلي، حيث قال عنه في (الضعفاء): «ليس لهذا الحديث أصل، ولا يروى من وجه يثبت، إلا شيء يروى في مغازي الواقدي وغيره مرسلاً» ().
وهذا الحديث الوحيد الذي ذكر فيه لقاء دَغْفل بالنبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كان هذا الحديث شديد الضعف موضوعاً، فلا تثبت به الصحبة لدَغْفل بن حَنْظلة» ().
7 – تعقبه على الإمام الذهبي في تضعيفه لأحد الرواة وهو بخلاف ذلك.
قال الإمام الذهبي: «الربيع بن حبيب الكوفي، عن نَوفل بن عبد الملك، ضعيف الحديث، قال أحمد، والبخاري، و النسائي: منكر الحديث» ().
قال الشيخ سليمان: «قلت: ووثقه يحيى بن معين، وقال ابن حجر صدوق، ضُعف بسبب روايته عن نوفل، قال الحاكم أبو أحمد: الحمل على نَوفل» ().
¥