«عمر بن عيسى الأسلمي، عن ابن جريج، قال البخاري: منكر الحديث ()، وقال ابن حبان (): يروي الموضوعات عن الإثبات …، وذكر حديثه ابن عدي والعقيلي، عمر بن عيسى، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: جاءت جارية إلى عمر، فقالت: إن سيدي اتهمني، فأقعدني على النار حتى أحرق فرجي، فقال عمر: هل رأى عليك ذلك؟
قالت: لا، قال: فاعترفت؟ قالت: لا، فقال: عليَّ به … والذي نفسي بيده، لو لم أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«لا يُقَادُ مملوكٌ من مالكهِ، ولا ولدٌ من والدهِ» () لأقَدْتُها منك، ثم أبرَزَه فضربه مائة سوط، ثم قال: اذهبي فأنت حرة».
وتناقض أيضاً فقال في (مختصر المستدرك) (): «عمرو بن عيسى، منكر الحديث».
وقد نبه على تناقض الذهبي وذهوله، الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) كما نقله عنه الشيخ سليمان، إلا أني ذاكر هنا كلام الحافظ بتمامه، حيث اختصره الشيخ سليمان، قال الحافظ بعد ذكره لحديث: «لا يُقَاد مملوك من مالكه …»:
«قال الحاكم صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي بأن في إسناده عمرو بن عيسى، شيخ الليث وفيه منكر الحديث، كذا قال فأوهم أن لغيره كلاماً، وليس كذلك، فإنه ذكره في (الميزان) فقال: لا يُعرف، لم يزد على ذلك، ولا يلزم من ذلك القدح فيما رواه، بل يتوقف فيه» ().
وقد نبه الحافظ وبسط في بيان وهم الذهبي في كتابه (لسان الميزان) () حيث قال في ترجمة «عمر بن عيسى الأسلمي»:
«وقد أخرج الحاكم هذا الحديث في (المستدرك) من طريق أبي صالح كما قال العقيلي، وقال: صحيح الإسناد، ووقع في السند عمرو بن عيسى بفتح العين، فقال الذهبي في (تلخيص المستدرك) (): عمرو بن عيسى: منكر الحديث. وترجم له في هذا الكتاب (ميزان الاعتدال) فقال: عمرو بن عيسى، عن ابن جريج، لا يُعرف. وقد نبهت على غلطه فيه كما سيأتي،ونشأ من تصحيف اسمه، ان الحاكم صححه لظنِّه أنه غير عمر بن عيسى، وعمر كما ترى قد ضعفوه».
وقال أيضاً في (لسان الميزان) متعقباً الذهبي لقوله في (ميزان الاعتدال) (): «عمرو بن عيسى، عن ابن جريج، لا يُعرف».
قال الحافظ: «هذه الترجمة خطأ نشأ عن تصحيف، وإنما هو عمر بن عيسى بضم العين، وهو معروف.
وقد قال الذهبي في (تلخيص المستدرك):عمرو بن عيسى منكر الحديث. كذا قال، فأوهم أنه معروف، فإن كان عرفه وهو بضم العين، فقد تناقض فيما ذكره هنا، وإن كان ما عرفه فكان ينبغي أن يقتصر على ما ذكر في (الميزان)» ().
قلت: والغالب أن هذا نشأ عن تصحيف وقع للذهبي، من عمر بن عيسى إلى عمرو بن عيسى.
ولا يسلم من هذا كبار الأئمة، وليس من شرط الثقة أن لا يهم.
وبهذا التحقيق يظهر صواب ما تعقب به الشيخ سليمان على الإمام الذهبي.
وعمر بن عيسى منكر الحديث، وقد رماه ابن حبان بوضع الحديث.
5 –قال الإمام الذهبي: «أبو غَطَفَان، عن أبي هريرة، لينه الدارقطني، وهو نكرة» ().
قال الشيخ سليمان: «قوله: «وهو نكرة» هذا غير مسلم، بل هو معروف، وثقه ابن معين وغيره، والعجب من المصنف أنه ذكر في (الميزان) و (الكاشف) توثيقه عن غير واحد، فلو أن المصنف هنا، سلك مسلك البزار في جعلهما اثنين: الراوي عن أبي هريرة والراوي عن ابن عباس، وجهَّل أحدهما لكان له وجه.
وإلا فقد أخرج لأبي غَطَفَان مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه» ().
قلت: جاء في (المغني) نسخة (مكتبة الأزهر) والتي تملكها الشيخ سليمان وعليها حاشيته هكذا:
«أبو غَطَفَان، عن أبي هريرة، لينه الدارقطني، وهو نكرة».
وجاء في نسخة الحافظ (السَّفَاقِسي) تلميذ الذهبي، هكذا:
«أبو غَطَفَان، عن أبي هريرة، لينه الدارقطني، وهو نكرة، إن لم يكن المُرِّي الذي أخرج له مسلم» ().
وعلى هذا أقول: بناء على ما جاء في نسخة (مكتبة الأزهر) يصح للشيخ سليمان ما تعقب به على الإمام الذهبي، وهو تعقب دقيق، كما سيظهر عند التحقيق، وبناءً على ما جاء في نسخة الحافظ (السَّفَاقِسي) وهي المعتمدة أقول:
تردد الإمام الذهبي في (المغني) في تعيين أبي غَطَفَان فقال:
¥