و المقصود: أن تمييز هؤلاء الرواة ليس أمراً متفقاً عليه، و يبقى محل اجتهاد، وهو الطبقة الأولى والثانية، وكلهم يحتج بهم البخاري لكنها مرتبة دون مرتبة هذا كل ما في الأمر الذين نقول بأنه لا يمكن نقول بأنهم احتج بهم البخاري الذين لم يخرج لهم روايات مسندة؛ وإنما أخرج لهم في المتابعات بمعنى أنه في الروايات المعلقة هؤلاء الذين يمكن أن نقول بأنه ليس لدي دليل أَنَّ البخاري يحتج به، قد يكون البخاري يحتج به لكن من خلال تصرفه في الصحيح، لكني لا أجزم بأنه احتج بهم؛ فهذا الذي يمكن أن يعين في هذا الجانب؛ فالأصل فيمن أخرج لهم أصحاب الصحيح أنه مقبول هذه القاعدة؛ إلا من استثنيناه.
السؤال الثاني: هل ألفاظ مسلم ومتونه أضبط من ألفاظ ومتون البخاري؟
--------------------------------------------------------------------------------
لا يمكن إطلاق مثل هذه العبارة؛ فلا شك أن كتاب البخاري قمة من الضبط والإتقان؛ لكن لكون البخاري يقطع الحديث، ولكونه يريد أن يبين موطن الشاهد في الأحاديث؛ فربما اضطر أثناء اختصاره أن يذكر عبارة في بداية الحديث، أو في آخر الحديث تنبه على حصول اختصار فيه، أو تبين السياق الذي ورد فيه ذلك الحديث فهو ليس من باب أضبط أو ليس بأضبط لو قلنا أضبط يعني مسلم أكثر ضبطاً من البخاري؛ لكن نقول بأن ميزة مسلم أنه يسوق الأحاديث بألفاظها أما البخاري فربما تصرف في اللفظ لغرض الاختصار، ولغرض بيان موطن الشاهد في الحديث، أمر آخر وهو ليس دليل قطعي بأن مسلم أضبط من البخاري - كما يقول السائل - وإنما أشاعوا عند العلماء أنه لو وقع خلاف في اللفظ بين البخاري، ومسلم فإنه قد يميل إلى إثبات لفظ مسلم لأن مسلم ألف كتابه، وبين يديه أصوله، وفي حياته كثير من شيوخه أما البخاري فكان يؤلف كتابه أثناء ترحاله في الأمصار، والبلدان.
السؤال الثالث: هل هناك علاقة بين التاريخ الكبير للبخاري وصحيح البخاري؟
الجواب: هما كتابان منفصلان لمؤلف واحد لكن يمكن أن ننتفع بكتاب التاريخ الكبير للبخاري لمعرفة آراء للبخاري مختلفة حول بعض الأحاديث، وحول بعض الرواة الذين أخرج لهم في الصحيح لا شك أن أولى ما يُرجع إليه لدراسة أسانيد البخاري هو رأي البخاري نفسه في هذا الراوي، وهذا الذي يُعرف من خلال كتبه المختلفة، هذا لا شك فيه لكن أنه يتمم العمل أو كذا أو لا يمكن أن يُستفاد من صحيح البخاري إلا بالتاريخ الكبير للبخاري فهذا محل نظر؛ لأنهما كتابان منفصلان للإمام البخاري.
السؤال الرابع: أسانيد الأحاديث لها نفس الاستقامة لأسانيد أثار في صحيح البخاري؟
--------------------------------------------------------------------------------
الجواب: لعل مقصود السائل هل الآثار الموقوفة صحيحة كما أن الأحاديث المرفوعة صحيحة في نفس الدرجة، قلنا بأن البخاري إذا أسند الحديث الأصل فيه أنه على شرطه إلا ما بين علته، وأنه أخرج بعض الأحاديث الموقوفة وهي على شرطه هذا الأصل في ذلك؛ إلا إذا ظهرت لنا قرينة أن البخاري أراد الإعلال فهذا أمر مختلف يكون أمراً آخر لكن الأصل فيه ما أخرجه في صحيحه من أحاديث و أثار مسنداً أنه على شرطه.
السؤال الخامس: ما توجيه صنيع الحافظ الزيلعي في " نصب الراية " حيث قال في أحد المواضع كما بوَّب مسلم، هل التبويب من صنيع مسلم؟
قلت لكم إن أكثر أهل العلم نصوا على أن مسلم لم يبوب الصحيح، وهناك نسخة من صحيح مسلم متقدمة موجودة حتى اليوم ليس فيها تبويبات لمسلم، توجيه الزيلعي إما أنه وقف على نسخة فيها هذه التبويبات فظن أن بعض هذه التبويبات من مسلم، أو لعل صحيح مسلم في بعض رواياته وضع بعض الأبواب اليسيرة القليلة، الاحتمال وارد في بعض الروايات في بعض نسخه و لا يعارض ذلك أن غالب الصحيح ليس مبوباً. والأدلة على أن صحيح مسلم غير مبوب كثيرة من بينها اختلاف التبويبات المتابينة تبايناً كبيراً بين نُسخ صحيح مسلم، و بعض هذه التبويبات موجودة في الشروح مما يبين أنها مأخوذة من هذه الشروح شرح النووي، شرح القرطبي، شرح فلان، وفلان، وهذا يؤكد أنها ليست من مسلم هذا التباين الكبير يؤيد أنها ليست من مسلم.
¥