قال في مقدمة هذا الكتاب وَهو يَتَكَلَّم عَنْ شَرطِهِ فيه قَالَ:

" أَنْ أَجْمَعَ كتابًا يَشْتَمِل عَلَى الأَحَادِيث المْرَوية بِأَسَانيد يَحْتَج مُحَمَّد بْنُ إِسْمَاعِيل وَمُسْلِم بْنُ الْحَجْاج بِمِثْلِهَا، إِذْ لَا سَبِيل إِلى إِخْراج مَا لَا عِلَة لَهُ، فَإِنَهما رَحِمَهُمَا الله لَمْ يَدَّعِيا ذَلِكَ لِأَنْفََُسِهِمَا ".

هنا الإشكال؛ أيش ظاهر هذه العبارة؟

--------------------------------------------------------------------------------

يقول: أنا سأخرج أحاديث أخرج البخاري ومسلم أمثالها - يعني هي على شرط البخاري ومسلم- ثم يقول: وإن كان لبعض هذه الأحاديث علل، قال: سأخرجها، ثم يبين لما أخرجها مع أنها علل، قال: لأن حتى البخاري ومسلم ما ادعيا أن الأحاديث الموجودة في كتابيهما لا علة لها.

معنى ذلك: أن هناك يعني الحاكم يعتبر أن اشتراط انتفاء العلة ليس شرطًا في صحيح البخاري هذا ظاهر العبارة، هل يمكن أن يقصد الحاكم هذه العبارة؟

- لا يمكن أبدًا؛ الحاكم إمام ويعرف أن اشتراط العلة، انتفاء العلة شرط أكيد في الحديث الصحيح، وقد صَرَّح بذلك، فليست قضية إحسان ظن به، مع أنه أهل لإحسان الظن، لكن أيضًا صرح بهذا الشرط في كتابه " معرفة علوم الحديث " لما عرَّف الحديث الصحيح، وسنقرأ كلامه حتى نعرف بالفعل أننا إذا أوَّلنا هذا الكلام عندنا القرينة الصارفة لكلام الأول عهن ظاهره، وهي تصريح باشتراط عدم العلة في الحديث الصحيح حيث قال في كتابه " معرفة علوم الحديث ":

قال لما ذكر ثلاثة أحاديث ظاهر أسانيدها الصحة لكن لها علل خفية تقدح في صحتها، هذا ذكره في معرفة علوم الحديث، وهو كتاب في المصطلح كما هو معروف ومن أقدم كتب علوم الحديث.

ثم قال بعد ذلك قال: ففي هذه الأحاديث الثلاثة قياس على ثلاثمائة أو ثلاثة آلاف وأكثر من ذلك.

يعني: هذه يقول الثلاثة أحاديث هي أمثلة فقط أسوقها وهناك ألوف الأحاديث مثلها، ظاهر إسنادها الصحة وهي غير صحيحة.

يقول: إن الصحيح لا يُعرف بروايته فقط، وإنما يُعْرف بِالفَهم والحفظ وكثرة السماع، وليس لهذا النوع، أي لمعرفة الصحيح نوع معرفة الصحيح، وليس لهذا النوع عون أكثر من مذاكرة أهل الفهم والمعرفة ليظهر ما يخفى من علة الحديث ".

--------------------------------------------------------------------------------

ثم يكمل فيقول: فإذا وُجد مثل هذه الأحاديث – الأحاديث التي ظاهرها ظاهر أسانيدها الصحة – فإذا الصحيحة غير مُخَرَّجةٍ في كتابي الإمامين البخاري ومسلم لزم صاحب الحديث التنقيب عن علته ومذاكرة أهل المعرفة به لتظهر علته، هذا كلام صريح.

يقول: أغلب الأحاديث التي ظاهر أسانيدها الصحة وهي غير موجودة في البخاري ومسلم ما تركها البخاري ومسلم إلا لأن فيها علة، إذًا: هذا كلام صريح من الحاكم أنه كان يعتبر أن ما أخرجه البخاري ومسلم يشترطان فيه انتفاء العلة، لا يمكن أن يكون قائل هذا الكلام يرجع ويقول مرة أخرى: فإن البخاري ومسلم يخرجا أحاديث فيها علل قادحة للصحيح، إذًا: ما هو مراده بالعبارة الأولى؟

يحتمل ذلك أحد معنيين، العبارة التي ذكرها في المستدرك التي تدل على أن البخاري ومسلم قد يخرجا أحاديث فيها علل لها أحد توجيهين:

التوجيه الأول: أن يُحمل على العلل غير القادحة؛ لأن العلل في منها ما هو قادح، وفي منها ما هو ليس بقادح، مطبق الاختلاف هذا يُسمى علة، لكن ليس كل اختلاف يقدح في صحة الحديث.

مثلًا: كالاختلاف في الصحابي هل هو ابن عباس أو ابن عمر؟ هل يقدح في صحة الحديث؟ ما يقدح، لِمَ؟ لأن الصحابة كلهم عدول.

مثل: الاختلاف في لفظ لا يؤثر في المعنى، اختلاف في لفظ لا يؤثر في المعنى مثل حديث ?? إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّات?? الذي أخرجه الإمام البخاري مختصرًا في موطن وكاملًا في موطن آخر، أيضًا هذا اختلاف ويُسمى علة عند المحدثين، لكنها ليست علة قادحة، فقد يكون مراد الحاكم أن العلل غير القَادِحة لا تنافي شرط الصحة وهذا لا خلاف فيه، هو يريد أن يبين أنه إذا وجدت اختلاف فمعنى ذلك أن هذا اختلاف لا يصل إلى درجة القدح في الحديث ولذلك أخرجته في كتاب المستدرك.

--------------------------------------------------------------------------------

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015