والذي قلنا إن البخاري لا يكاد يذكره إلا وَيُنَبِه صراحةً إلى ضعفه.
من أمثلته: قال الإمام البخاري: يُذكر عن أبي هريرة عن النبي (?? لَا يَتَطَوَّعُ الْإِمَامُ فِي مَكَانِهِ ?? قال الإمام البخاري " وَلَمْ يَصِحَّ ".
ذكر الأثر أو الحديث بصيغة التمريض ثم بعد أن انتهى منه قال: " وَلَمْ يَصِحَّ "، فصرَّح بضعفه.
ومثال آخر: قال الإمام البخاري في كتاب الهبة: قال: " مُنْ أُهْدِيَ لَهُ هَدِيَّة وَعِنْدَهُ جُلَسَاؤُهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا " هذا الباب، قال: " وَيُذْكَرُ عَنْ اِبْن عَبَّاس ?? أَنَّ جُلَسَاءَهُ شُرَكَاؤُهُ ??. وَلَمْ يَصِحَّ.
--------------------------------------------------------------------------------
أيضًا بعد أَنْ ذكر هذا الحديث قال: " وَلَمْ يَصِحَّ " هذا الحديث أورده ابن الجوزي في الموضوعات، لكن أورده مرفوعًا، أما البخاري فأورده موقوفًا عن ابن عباس، والبخاري مع أنه أورده موقوفًا ومعلقًا بصيغة التمريض نبَّه أيضًا على ضعفه، أما ابن الجوزي فأورد الحديث مرفوعًا يعني من طريق آخر مرفوع وحكم عليه بالوضع، وهذا الحديث هو الحديث الوحيد الذي أورده ابن الجوزي، أو الكلمة الوحيدة التي أوردها ابن الجوزي في الموضوعات وهي مما ذُكر في صحيح البخاري، طبعًا هذا ليس فيه لوم على الإمام البخاري لأنه:
أولًا: لأنه ليس بمسند، ما هو من شرط كتابه.
ثانيًا: أنه علقه بصيغة التمريض.
ثالثًا: أنه صرَّح بتضعيفه.
رابعًا: أنه إنما أورده موقوفًا وأما الذي حكم عليه بالوضع ابن الجوزي فهو الحديث المرفوع، ولم يحكم على الحديث الموقوف بالوضع، الحديث الموقوف لا يزيد أن يكون ضعيفًا، لا يصل إلى درجة الحكم عليه بالوضع، وهناك حديث آخر نُسب إلى الإمام البخاري خطأً وذكره ابن الجوزي في الموضوعات لعلنا نذكره في ما يأتي من الكلام بإذن الله تعالى.
هذه خلاصة المعلقات أو أقسام المعلقات في صحيح البخاري.
وخلاصة هذا الكلام كله:
" أن كل ما علقه البخاري فهو صالح للعمل إلا ما صرَّح بتضعيفه، أن كل ما علقه البخاري سواء بالجزم أو بالتمريض، سواء وصله أم لم يصله فهو صالح للعمل إلا ما صرَّح بتضعيفه "
تقول لي: كيف ما قلت إن فيه أحاديث ضعيفة؟
قلنا لكم: إن الأحاديث الضعيفة عليها العمل.
يبقى القسم الأخير: وهو الضعيف الذي ليس عليه العمل، قلنا إن البخاري لا يسكت عن بيان ضعفه، وينبه صراحة إلى ضعفه، ولذلك نحن نقول: إن كل معلقات البخاري صالحة للعمل إلا ما بيَّن ضعفه، هذه خلاصة المعلقات في صحيح البخاري.
لكن ننبه إلى كلمة أخيرة:
--------------------------------------------------------------------------------
وهو أن هذا الحكم لم نصدره على هذه المعلقات لمجرد أن البخاري علقها في الصحيح، وإنما أُصدرت هذه الأحكام وعرفنا هذه الأقسام لما وُصِلَت هذه المعلقات، وَصَلَها الحافظ بن حجر في " تغليق التعليق " وحكمنا على أسانيدها بما يليق بها من القبول والرد، فليس لِذِكر الإمام البخاري لهذه المعلقات في صحيحة مزية خاصة يبقى الحديث المنقطع ليس بحجة سواء عند البخاري أو عند غيره، ولذلك اضطر الحافظ أن يجتهد ويحاول أن يصل هذه الأحاديث ليعرف مراتبها من القبول والرد، هذا أمر مهم حتى نعرف أن المحدِّثين ساروا على قاعدة مُطَّرِدَة في رد المنقطع وعدم قبوله، وأن الأصل في المنقطع عدم القبول ولو كان مُخَرَّجًا في كتاب اشترط صاحبه فيه الصحة، وإن كان طبعًا اشتراطه كان خاصًا بالأحاديث المسندة ولم يتناول الأحاديث المعلقة إلا أن ذكره لهذه المعلقات في الصحيح لا شك أنها تُلْمِح إلى أنها في الغالب ستكون في درجة القبول، ولذلك بالفعل واقع هذه المعلقات كما ذكرنا أنها في أقل أحوالها صالحة للعمل كما ذكرنا في خلاصة هذا التقسيم.هذا فيما يتعلق بمعلقات المتون.
باقي القسم الآخر الذي هو: " معلقات الأسانيد ".
¥