قلنا: بأن صيغة الجزم تدل على أن الإمام البخاري يجزم بهذا القول إلى من علقه عنه.
وصيغة التمريض تدل على ماذا؟ هل صيغة التمريض تدل على التضعيف؟
هذا هو المهم لأن؛ لو قلنا تدل على عدم الجزم فهي كلمة عامة، وقد يكون عدم الحزم مع الدلالة على الضعف، وقد لا تكون كذلك، قد يكون مراده فقط بيان أن هذا الحديث أو يريد أن يُبرئ ذمته من الجزم بنسبة هذا الحديث إلى قائله والصحيح هو هذا الأخير أن صيغة التمريض لا تدل وحدها على التضعيف عند البخاري، فقط تدل أن البخاري لا يقطع بنسبة هذا القول إلى قائله فقط.
ومن ظن أنها دالة على الضعف يرد عليه أن الإمام البخاري أورد أحاديث بصيغة التمريض ووصلها في صحيحه.
ومثال ذلك: أثر ابن عباس الذي قال فيه الإمام البخاري قال: وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: ?? الرُّقَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ??.
الآن هذه صيغة تمريض ولَّا حزم؟
صيغة تمريض؛ يُذكر عن ابن عباس، هذا الحديث هو الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري في الصحيح في قصة أبي سعيد الخدري لما رقى سيد القوم الذي لُدغ بفاتحة الكتاب، نفسه البخاري أخرجه في الصحيح، طيب لِمَ أورده بصيغة التمريض مع أنه صحيح وعلى شرطه؟
--------------------------------------------------------------------------------
يقول الحافظ بن حجر: سبب ذلك بالاستقراء الذي قام به الحافظ بن حجر أنه يفعل ذلك إذا ذكر الحديث بالمعنى، ولم يذكره باللفظ، فمثلًا في هذا الحديث يقول: يُذكر عن ابن عباس في الرقى بفاتحة الكتاب، ما ذكر لفظ الحديث، وإنما أورده بالمعنى، فإذا أورد الحديث بالمعنى فإنَّه في بعض الأحيان يعلقه بصيغة التمريض، هذا بالنسبة للأحاديث التي علَّقَها بصيغة التمريض وهي موصولة في الصحيح، انتبهوا، أما الأحاديث التي علقها بصيغة التمريض ولم يصلها في الصحيح، فهذه سيأتي الكلام عنها الآن.
يعني الآن ممكن أيضًا الأحاديث التي علقها بصيغة التمريض ممكن نجعلها قسمين:
قسم: وصله في الصحيح.
قسم: لم يصله في الصحيح.
1 - التي وصلها في الصحيح: علقها بصيغة التمريض؛ لأنه أوردها بالمعنى.
2 - التي لم يصلها في الصحيح هذه تنقسم إلى أربعة أقسام:
القسم الأول: صحيح على غير شرطه.
القسم الثاني: الحسن.
القسم الثالث: أن يكون الحديث ضعيفًا لكنَّ العمل عليه. ويأتي أمثلتها.
القسم الرابع: هو الضعيف الذي لا جَابِر له، ولم يفت به عامة أهل العلم.
وهذا القسم الأخير لا يكاد البخاري يذكره إلا وينبه على ضعفه صراحة كما يأتي في الأمثلة التي نسوقها.
مثال القسم الأول - وهو الذي يعلقه بصيغة التمريض - وهو صحيح على غير شرطه:
أَنَّ البخاري قال: يُذكر عن عبد الله بن السائب أن النبي (?? قَرَأ بـ " المْؤمِنُونَ" فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ ?? وهذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، أورده بصيغة التمريض، وهو صحيح على شرط مسلم.
مثال القسم الثاني، هو الحديث الحسن:
قال: يُذكر عن عثمان أن النبي (قَالَ لَهُ: ?? إِذَا بِعْتَ فَكِلْ وَإِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ ??.
وهذا الحديث أخرجه الإمام أحمد، والدار قطني بإسناد حسن، ولذلك علقه الإمام البخاري بصيغة التمريض.
مثال القسم الثالث: وهو الضعيف لكن عليه العمل:
--------------------------------------------------------------------------------
ضعيف لكن عمل الفقهاء عليه ربما كان إجماع العلماء على العمل به، وإن كان الحديث ضعيف، طبعًا الإجماع لا يُشترط أن يكون مبني على هذا الحديث الضعيف، قد يكون مبني على دلائل الشرع الأخرى الاجتهاد والقياس، المقصود أن هناك وَرَدَ حديث ضعيف والإجماع يدل على ما دلَّ عليه هذا الحديث الضعيف أو عمل الفقهاء أو أكثر الفقهاء بما يدل عليه هذا الحديث الضعيف.
مثال ذلك: قال الإمام البخاري: ?? وَيُذْكَرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالدَّيْنِ ?? أي في التركة، في الإرث أول ما يُبدأ بسداد الدين ثم بالوصية ثم بتوزيع التركة على المستحقين الورثة.
هذا الحديث أخرجه الإمام الترمذي، وضعفه وهو ضعيف، لكن العمل عليه، الفقهاء يفتون بأن نقل عليه الإجماع ولعل الإجماع فيه صحيح أنه يبتدأ بالدين قبل الوصية.
مثال القسم الأخير، وهو الضعيف الذي لا جابر له:
¥