الشرط الثاني: أن يثبت ولو مرة لقاؤه بمن روى عنه، أن يثبت عند البخاري أنه لقي هذا الراوي الذي روى عنه بصيغة محتملة، فإذا ثبت عنده اللقاء ولو مرة حمل بقية روايات هذا الراوي عن ذلك الشيخ على الاتصال بشرط ألا يكون مدلسًا كما ذكرنا سابقًا.

أما مسلم فشرطه قد صرَّح به في مقدمة صحيحه وسنذكره الآن وإن كان هذا متعلق بـ " مسلم "، وسنذكره الآن حتى نعرف الفرق بين المذهبين اللذين ذُكِرَا أو نسب للبخاري ومسلم.

مذهب مسلم: أن الحديث المعنعن لا يحكم له بالاتصال إلا بثلاثة شروط:

الشرط الأول: هو نفس الشرط الأول عند البخاري، وهو ألا يكون الراوي مدلس، أو بعبارة أدق ألا تكون عنعنة الراوي مردودة بالتدليس أو لا يوصف بالتدليس الذي يقتضي رد العنعنة، ألا يوصف الراوي بالتدليس الذي يقتضي رد العنعنة، هذا شرط البخاري ومسلم اتفقا في هذا الشرط، ثم ينفرد مسلم بالشرطين التاليين:

--------------------------------------------------------------------------------

الشرط الثاني: أن يكون هذا الراوي معاصرًا لمن روى عنه.

يعني: عاش في زمنه، فلا يكون وفاة الشيخ قبل ولادة الراوي عنه، لا بد أن يكونا عاشا في زمن واحد، هذا الشرط الثاني.

الشرط الثالث: ألا يوجد دليل ولا قرينة تدل على عدم السماع، ألا يوجد دليل يدل على عدم السماع، ولا قرينة تشهد بعدم السماع من ذلك الشيخ، فإذا اجتمعت هذه الشروط، فإن الإمام مسلم يحكم على الحديث بالاتصال، فأي الشرطين في رأيكم أكثر تشددً؟ شرط البخاري، مع أنهم شرطين.

كيف يكون شرطين أكثر؟ مسلم ثلاثة شروط.

قلنا البخاري له شرطان، وأما مسلم فله ثلاثة شروط؛ لأنه يشترط العلم باللقاء وهذا لا شك أشد.

هذا الشرط يا إخوان نقل عن الإمام البخاري بالطبع؛ لأننا قلنا: إن البخاري لم يذكر هذا الشرط، ولم يذكر أصلًا شروطه في مقدمة الكتاب لأن الكتاب ليس له مقدمة، إلا أن هذا الشرط هناك شك في نسبته إلى الإمام البخاري بل الراجح عندي والله أعلم أنه لا تصح نسبته إلى الإمام البخاري، وأن شرط البخاري ومسلم في الاتصال واحد، ولا فرق بينهما في ذلك، وأن الإمام مسلم لمَّا نقل الإجماع على الشرط الذي ذكره في مقدمة الصحيح كما سيأتي كان ينقل الإجماع بالفعل الذي يتناول البخاري ومسلمًا، وعلي بن المديني، وجميع من يعرفهم من أهل الحديث، فشرط البخاري ومسلم في الحديث المعنعن واحد، وهو الشرط الذي نقلناه سابقاً عن مسلم أنهما يحكمان بالاتصال إذا لم يكن الراوي مردود العنعنة بالتدليس، إذا كان معاصرًا، إذا لم يقم دليل ولا قرينة تدل على عدم السماع، هذا هو شرط البخاري ومسلم على الصحيح، والمسألة فيها طول لكن يكفي أن نَعْرِض لهذا الشرط من شروط الإمام البخاري وهو شرط الاتصال.

--------------------------------------------------------------------------------

لا شك أن هذا الشرط كما ذكرنا لا يمكن أن يُصْحِح الحديث إلا بحصوله وهو شرط الاتصال، فهنا ينقدح في الذهن الكلام عن المعلقات، يعني: ولما أخرج البخاري إذًا المعلقات في صحيحه، أو ما وجه إخراجها في الصحيح؟ هل هي صحيحة عنده؟ هل نحكم بصحتها لمجرد أن البخاري أخرجها في الصحيح؟

لا شك أن المعلقات خارجة عن شرط الصحيح، المعلقات الأصل فيها أنها خارجة عن أصل الصحيح، لما، ليش خارجة عن أصل الصحيح؟ لشرطين أو للكلمتين اللتين وردتا في عنوان الكتاب:

الشرط الأول: كلمة المسند، والمعلق ليس بمسند لأن ما هو متصل.

الشرط الثاني: وهو الصحة، وشرط الصحة أن يكون الحديث متصلًا، والمعلَّق ليس بمتصل.

ولذلك المعلقات الأصل أنها ليست داخلة ضمن شرط الصحيح، إلا أن العلماء وخاصة الحافظ ابن حجر قد اعتنى بهذه المعلقات عناية فائقة جدًا، وكان من أوائل كتبه التي ألفها، والتي أشتهر بها كتاب خاص بمعلقات صحيح البخاري وهو كتاب " تَغْلِيق التَعْلِيق " الذي وَصَلَ فيه هذه المعلقات؛ أي بيَّن أسانيدها إلى من انتهت إليه، سواءً كانت منسوبة إلى النبي عليه الصلاة والسلام مرفوعة أو موقوفة على الصحابة أو التابعين أو من جاء بعدهم.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015