(أما حديث الذباب , وما في جناحيه من داء وشفاء , فحديث ضعيف , بل هو عقلاً حديث مفترى , فمن المسلم به أن الذباب يحمل الجراثيم والأقذار .......... ولم يقل أحد قط: إن في جناحي الذبابة داء وفي الآخر شفاء , إلا من وضع هذا الحديث أو افتراه , ولو صح ذلك , لكشف عنه العلم الحديث الذي يقطع بمضار الذباب ويحض على مكافحته).

وفي الكلام – على اختصاره – من الدس والجهل ما لا بد من الكشف عنه , دفاعاً عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , وصيانة له من أن يكفر به من قد يغتر بزخرف القول , فأقول:

أولاً: لقد زعم أن الحديث ضعيف , يعني: من الناحية العلمية الحديثية , بدليل قوله: (بل هو عقلاً حديث مفترى) , وهذا الزعم واضح البطلان , تعرف ذلك مما سبق تخريج الحديث من طرق ثلاث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم , وكلها صحيحة , وحسبك دليلاً على ذلك أن أحداً من أهل العلم لم يقل بضعف الحديث , كما فعل هذا الكاتب الجرئ.

ثانياً: لقد زعم أنه حديث مفترى عقلاً , وهذا الزعم ليس وضوح بطلانه بأقل من سابقه , لأنه مجرد دعوى , لم يسق دليلاً يؤيده به سوى الجهل بالعلم الذي لا يمكن الإحاطة به , أليست تراه يقول (ولم يقل أحد ....... ولو صح , لكشف عنه العلم الحديث .. )؟ , فهل العلم الحديث – أيها المسكين – قد أحاط بكل شئ علما ً , أم أن أهله الذين لم يصابوا بالغرور – كما أصيب من يقلدهم منا – يقولون: إننا كلما ازددنا علماً بما في الكون وأسراره , أزددنا معرفة بجهلنا , وأن الأمر بحق كما قال الله تبارك وتعالى (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا).

وأما قوله: (إن العلم يقطع بمضار الذباب ويحض على مكافحته) , فمغالطة مكشوفة , لأننا نقول: إن الحديث لم يقل نقيض هذا , وإنما تحدث عن قضية أخرى لم يكن العلم يعرف معالجتها , فإذا قال الحديث: (إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ ... ) فلا أحد يفهم – لا من العرب ولا من العجم , اللهم إلا العجم في عقولهم وأفهامهم – أن الشرع يبارك في الذباب ولا يكافحه.

ثالثاً: قد نقلنا لك فيما سبق ما أثبته الطب اليوم , من أن الذباب يحمل في جوفه ما سموه (مبعد البكتيريا) القاتل للجراثيم , وهذا وإن لم يكن موافقاً لما في الحديث على وجه التفصيل , فهو في الجملة موافق لما استنكره الكاتب المشار إليه وأمثاله من اجتماع الداء والدواء في الذباب , ولا يبعد أن يأتى يوم تنجلي فيه معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم في ثبوت التفاصيل المشار إليها علمياً (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) ص 88.

وإن من عجيب أمر هذا الكاتب وتناقضه , أنه في الوقت الذي ذهب فيه إلى تضعيف هذا الحديث ذهب إلى تصحيح الحديث (طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ) , فقال: (حديث صحيح متفق عليه).

فإنه إذا كانت صحته جاءت من اتفاق العلماء أو الشيخين على صحته , فالحديث الأول صحيح عند العلماء بدون خلاف بينهم , فكيف جاز له تضعيف هذا وتصحيح ذاك؟

ثم تأوله تأويلاً باطلاً يؤدي إلى أن الحديث غير صحيح عنده في معناه , لأنه ذكر أن المقصود من العدد مجرد الكثرة , وأن المقصود من التراب هو استعمال مادة مع الماء من شأنها إزالة ذلك الأثر , وهذا تأويل باطل بين البطلان , وإن كان عزه للشيخ محمود شلتوت عفا الله عنه.

فلا أدري أي خطأيه أعظم؟ أهو تضعيفه للحديث الأول وهو صحيح؟ أم تأويله للحديث الآخر وهو تأويل باطل؟.

وبهذه المناسبة فإني أنصح القراء الكرام بأن لا يثقوا بكل ما يكتب اليوم في بعض المجلات السائرة , أو الكتب الذائعة , من البحوث الإسلامية – وخصوصاً ما كان منها في علم الحديث – إلا إذا كانت بقلم من يوثق بدينه أولاً , ثم بعلمه واختصاصه فيه ثانياً , فقد غلب الغرور على كثير من كتاب العصر الحاضر وخصوصاً من يحمل منهم لقب (الدكتور) فإنهم يكتبون فيما ليس من اختصاصهم , وما لا علم لهم به , وإني لأعرف واحداً من هؤلاء أخرج حديثاً إلى الناس كتاباً جله في الحديث والسيرة , وزعم فيه أنه أعتمد فيه على ماصح من الأحاديث والأخبار في كتب السنة والسيرة , ثم هو أورد فيه من الرويات والأحاديث ما تفرد به الضعفاء والمتروكون والمتهمون بالكذب من الرواة , كالواقدي وغيره , بل أورد فيه حديث (نحن نحكم بالظاهر , والله يتولى السرائر) , وجزم بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم , مع أنه مما لا أصل له عنه بهذا اللفظ , كما نبه عليه حفاظ الحديث , كالسخاوي وغيره.

فاحذروا أيها القراء , أمثال هؤلاء , والله المستعان.

ـ[أبو أميمة السلفي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 10:11 م]ـ

رفع

ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[24 - 08 - 06, 12:57 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الحبيب ماذا عندكم عن بقية الشبه فليتك تتابع ما بدأته فإن جمعت فاسرد وإلا أعناك والاخوة لأهمية هذا الأمر في رد شبه أهل الصليب وعباد العقول أهل الأهواء.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015