إذا استنكر الأئمة المحققون المتن، وكان ظاهر السند الصحة فإنهم يتطلبون له علة فإذا لم يجدوا علة قادحة مطلقا حيث وقعت أعلوه بعلة ليست بقادحة مطلقا، ولكنهم يرونها كافية للقدح في ذلك المنكر. (وذكر أمثلة له).

وحجتهم في هذا أن عدم القدح بتلك العلة مطلقا إنما بني على أن دخول الخلل من جهتها نادر، فإذا اتفق أن يكون المتن منكرا يغلب على ظن الناقد بطلانه فقد تحقق وجود الخلل، وإذا لم يوجد سبب له إلا تلك العلة، فالظاهر أنها هي السبب، وأن هذا من ذاك النادر الذي يجيء الخلل فيه من جهتها.

وبهذا يتبين أن ما يقع ممن دونهم من التعقب بأن تلك العلة غير قادحة وأنهم قد صححوا ما لا يحصى من الأحاديث، مع وجودها فيها، إنما هو غفلة عما تقدم من الفرق، اللهم إلا أن يثبت المتعقب أن الخبر غير منكر.

القواعد المقررة في مصطلح الحديث منها ما يذكر فيه خلاف، ولا يحقق الحق فيه تحقيقا واضحا، وكثيرا ما يختلف الترجيح باختلاف العوارض التي تختلف في الجزئيات كثيرا، وإدراك الحق في ذلك يحتاج إلى ممارسة طويلة لكتب الحديث والرجال والعلل مع حسن الفهم وصلاح النية. انتهى بتصرف (?).

ولعل القارئ استفاد مما سبق من النصوص أن التفرد من أهم الوسائل التي يتم بها الكشف عن العلة وأنه من أغمض ما يكون في مجال التعليل، وإن كان ما تفرد به الضعيف ظاهرا وواضحا في كونه معلولا فإن تعليل ما تفرد به الثقة قد لا يقنع كثيرا من الناس الذين لا يسلمون لهم التعليل بالمخالفة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015