كما أنكر الإمام أحمد على عبد الرزاق حديثه عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا: الخيل معقود في نواصيها الخير، ووافقه في الاستنكار يحيى بن محمد الذهلي والدارقطني، وقال هذا الأخير: عبد الرزاق يخطئ عن معمر في أحاديث لم تكن في الكتاب اهـ (?).
هذا دليل واضح على أن الثقة – ولو كان إماما – يكون له أحوال مختلفة حتى ولو حدث عن أقرب شيوخه، وأنت لاحظت آنفا أن الإمام أحمد وغيره يستنكرون ما تفرد به عبد الرزاق عن معمر بحجة أن ذلك الحديث لم يكن في كتابه، (يعني به أصوله) وأنه وهم فيه، مع كونه قد حدث به قبل أن يختلط.
فإذا وجدت الناقد يقول في حديث عبد الرزاق عن معمر – مثلا – "تفرد به عبد الرزاق " فينبغي لك تفسيره بأنه خطأ، وأما أن تعقب بأن عبد الرزاق ثقة من أثبت أصحاب معمر ولا يضر تفرده، فلا ينبغي أن يصدر ممن تخصص في الحديث. ولو كان الاستدراك عليه بإثبات متابعة تامة صحيحة لكان ذلك موضوعيا وعلميا لدى الجميع.
وتكلم يحيى القطان في بعض أحاديث إبراهيم بن سعد الزهري أحد الأعيان الثقات المتفق على تخريج حديثهم، وأنكرها بحجة أنه حدث بها من حفظه.
سئل الإمام أحمد عن حديث رواه إبراهيم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الأئمة من قريش" فقال: ليس هذا في كتب إبراهيم لا ينبغي أن يكون له أصل.
أ ليس مما ينبغي أن نطرح سؤالا في حقنا في أثناء قراءة مثل هذا التعليل:
أين نحن من أصول المحدثين التي عاينها النقاد، واعتمدوها في التعليل وحل الخلافات؟
ولم لا نأخذ بعين الاعتبار ما قاله أمثال الذهبي في هذا الصدد؟