(5) - كتاب العلل للإمام أحمد 1/ 462
--------------------------------------------------------------------------------
لا بد أن يفهم أن قول الإمام الشافعي (رحمه الله) ليس فيه دلالة على أن كل ما خالف فيه الثقة لغيره من الثقات أو الأوثق منه يعتبر شاذا ينبغي الاحتراز منه في الحديث الصحيح، وإنما يدل على ما ترجح بالقرائن أنه مرجوح ووهم.
ولهذا قال (رحمه الله) في زيادة مالك ومن تابعه في حديث (فقد عتق منه ما عتق):إنما يغلط الرجل بخلاف من هو أحفظ منه، أو بأن يأتي بشيء يشركه فيه من لم يحفظه عنه وهم عدد وهو منفرد، وكان يقول في مواضع مثل هذا: العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد (?).
وقال الحافظ ابن حجر: لكن الشافعي صرح بأنه مرجوح – يعني الشاذ – وأن الرواية الراجحة أولى (?).
وهنا وقفة قصيرة لننظر ما مدى صحة قول بعض الفقهاء المتأخرين بأن الشاذ لا يطلق إلا على الحديث المخالف المنافي لما رواه الأوثق، وما مصدر قيد التنافي في الشاذ.
هل يشترط في الشاذ التنافي مع المخالفة
لم يشترط الإمام الشافعي للشاذ أن يكون منافيا لما رواه غيره بحيث يتعذر الجمع بينهما، لا تصريحا ولا تلميحا، بل اشترط مخالفة الراجح، وهي أعم من أن تكون المخالفة منافية للرواية الأخرى، أو غير منافية لها، أي أن تكون المخالفة بحيث يتعذر الجمع فيها على قواعد نقاد الحديث، ويشهد له ما ذكر من أمثلة الشاذ.
وإنما عرف هذا الشرط عن بعض الفقهاء والأصوليين – كابن الصلاح، وابن حجر الهيتمي الفقيه والزرقاني والأهدل وغيرهم – إلا إن فيهم من أطلق القول بتعذر الجمع، من غير تقييد بكونه على قواعد نقاد الحديث، وإن كان مقصوده به هو المنافاة التي تجعل الجمع متعذرا، فيأتي النقاش حول ذلك الشرط في الفقرات التالية: