وقد تميز شيخ الإسلام بميله إلى نقد المتون (?) , وهذا الفن لم يتمكن منه كثير من أهل العلم , لاسيما إذا كانت النكارة في المتن غير ظاهرة , أما ما ظهرت نكارته , واتضح كذبه لا سيما أكاذيب الشيعة وبعض أهل الأهواء , فإن شيخ الإسلام يكتفي غالباً في نقد متنه دون الرجوع إلى إسناده , لأن كذبه ظاهر.
وربما حكم شيخ الإسلام على بعض الأحاديث بالوضع والنكارة مع تصحيح بعض أئمة الحديث لها , ومن هنا نقد الحافظ ابن حجر العسقلاني شيخ الإسلام ابن تيمية في (لسان الميزان 6/ 319) وفي الدرر الكامنة (2/ 71) فقال " إنه تحامل في مواضع كثيرة , ورد أحاديث موجودة , وغن كانت ضعيفة بأنها مختلقة ". أ. هـ.
وقد عد عبدالحي اللكنوي شيخ الإسلام ابن تيمية من الطبقة المتشددة من النقاد بناء على نقد ابن حجر له [انظر الرفع والتكميل (تعليق 90 ـ 91 ـ 135)] وقد أقر الحافظ الذهبي ما حكم عليه شيخ الإسلام في منهاج السنة في كتابه المنتقى من منهاج الإعتدال وهو اختصار لمنهاج السنة النبوية.
وعند التحقيق والنظر وتتبع الأحكام التي يصدرها شيخ الإسلام على جملة من الأحاديث يتبين لنا أنه يسير على طريقة الإمام أحمد والبخاري وابن معين واضرابهم من الطبقة المتوسطة , ويظهر ميله هذا إليهم في إشادته بذكرهم ورجوعه إلى أقوالهم في الجرح والتعديل , لاختصاصهم وتميزهم بهذا الفن ومع ذلك فإننا لا ندعي العصمة لشيخ الإسلام , فهو كغيره من الجهابذة , وما يعتريهم من الخطأ والنسيان الذي لايحط من قدرهم ومكانتهم وحفظهم.
ولولا أن هذا المقام ليس مقام بسط وعرض واطناب لأطلت الكلام في جوانب كثيرة تتعلق بالجانب الحديثي لشيخ الإسلام ابن تيمية , ولدي كثير من الفوائد المتعلقة بهذا الموضوع , وأرجو أن يكون ذلك بعد الفراغ من العمل الذي أقوم بإعداده الذي هو [البلغة في عقائد أئمة النحو واللغة]
فأرجو من الله العلي القدير أن تتاح الفرصة المناسبة لعرض هذا الموضوع عرضاً تفصيلياً والله أسأل أن يتغمد شيخ الإسلام بواسع رحمته , ويسكنه فسيح جناته , وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين
كتبها
وليد الحسين
2/ 12 / 1415 هـ
يتبع إن شاء الله