6 ــ هل وُصف بالتدليس؟ وهل ثبت عنه ذلك؟ وما نوعُ تدليسه؟ وهل هو مكثر منه أم مقل؟ وهل تدليسه عام في شيوخه أم خاص ببعض الشيوخ؟ وهل يدلس عَن الثقات فقط أم عَن الثقات والضعفاء؟ وكيفية تعامل الأئمة مع حديثه المدلس (2).
7 ــ هل هو يرسل عَنْ شيوخه؟ وهل ثبت عنه ذلك؟ فإن ثبت أنه يرسل ينظر في ثبوت سماعه من شيوخه؟ ويعتنى بكلام الإمام البخاري في تاريخه الكبير والأوسط وتصرفاته في الصحيح.
وللشيخ عبد الرحمن المعلمي ـ رحمة الله عليه ـ كلامٌ نفيسٌ في كيفية البحث عَنْ أحوال الرواة في كتب الجرح والتعديل في كتابه القيّم «التنكيل» ولعلي أذكرها باختصار خشية الإطالة، وإنْ كانت جديرة بأن تذكر كاملة بحروفها، قال (3): «من أحب أن ينظر في كتب الجرح والتعديل للبحث عَنْ حال رجل وقع في سندٍ فعليه أن يراعي أموراً:
الأول: إذا وجد ترجمة بمثل ذاك الاسم فليتثبت حتى يتحقق أن تلك الترجمة هي لذاك الرجل.
الثاني: ليستوثق من صحة النسخة وليراجع غيرها إن تيسر له ليتحقق أنّ ما فيها ثابت عَنْ مؤلف الكتاب.
الثالث: إذا وجد في الترجمة كلمة جرح أو تعديل منسوبة إلى بعض الأئمة فلينظر أثابتةٌ هي عَنْ ذاك الإمام أم لا؟
الرابع: ليستثبت أن تلك الكلمة قيلت في صاحب الترجمة فإنّ الأسماء تتشابه.
الخامس: إذا رأى في الترجمة «وثقه فلان» أو «ضعفه فلان» أو «كذبه فلان» فليبحث عَنْ عبارة فلان؛ فقد لا يكون قال «هو ثقة» أو «هو ضعيف» أو «هو كذاب».
السادس: أصحاب الكتب كثيراً ما يتصرفون في عبارات الأئمة بقصد الاختصار أو غيره، وربما يخل ذلك بالمعنى ..
السابع: قال ابن حجر في لسان الميزان (1/ 71): وينبغي أن يتأمل أيضاً أقوال المزكين ومخارجها ... فمن ذلك أن الدوري قال عَن ابن معين إنه سئل عَن ابن إسحاق وموسى بن عبيدة الربذي أيهما أحب إليك؟ فقال: ابن إسحاق ثقة. وسئل عَنْ محمد بن إسحاق بمفرده فقال: صدوق وليس بحجة. ومثله أن أبا حاتم قيل له: أيهما أحب إليك يونس أو عقيل؟ فقال: عقيل لا بأس به. وهو يريد تفضيله على يونس. وسئل عَنْ عقيل وزمعة ابن صالح فقال: عقيل ثقة متقن. وهذا حكم على اختلاف السؤال. وعلى هذا يحمل أكثر ما ورد من اختلاف كلام أئمة أهل الجرح والتعديل ممن وثق رجلاً في وقت وجرحه في وقت آخر.
الثامن: ينبغي أن يبحث عَنْ معرفة الجارح أو المعدل بمن جرحه أو عدله.
التاسع: ليبحث عَنْ رأي كل إمام من أئمة الجرح والتعديل واصطلاحه مستعيناً على ذلك بتتبع كلامه في الرواة واختلاف الرواية عنه في بعضهم مع مقارنة كلامه بكلام غيره. العاشر: إذا جاء في الراوي جرح وتعديل فينبغي البحث عَنْ ذات (1) بين الراوي وجارحه أو معدله من نفرة أو محبة ... ».
والحق أنّ كلام المعلمي هذا ينبغي أن يقرر على طلاب السنة وعلومها في الدراسات العليا مع شرحٍ وتطبيق، وأرجو أن يتحقق هذا، والله الموفق.
حواشي:
2) يستفاد في هذا الباب من كتاب «منهج المتقدمين في التدليس» تأليف: ناصر الفهد، تقديم الشيخ: عبد الله السعد.
(3) التنكيل (1/ 62 - 72).
(1) كذا وقع، ويبدو أنّ في الكلام سقطاً، والله أعلم.
(2) المجروحين (1/ 32).
(3) المرجع السابق (1/ 200).
(4) كذا وقع، وتقدم التنبيه على ما فيه.
(5) النكت (2/ 711).
(6) النكت (2/ 687).
(1) نقله الزيلعي في نصب الراية (1/ 336 - 337).
ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[27 - 06 - 02, 09:29 ص]ـ
ومما تقدم يتبين:
أ - أنّ دراسة حال الراوي ليست بالأمر الهيّن ـ كما يظن البعض ـ بل ربما راجع الباحث عشرات الكتب، ودرس عشرات الأسانيد للبحث عَنْ فائدة معينة، أو التحقق منها، وربما بدأ بدراسة حال الراوي من مولده ونشأته إلى وفاته لاستخلاص حكم دقيق لحاله، وتأمل حال السلف في هذا الباب:
¥