تفرد الثقة بالحديث بين المتقدمين والمتأخرين لـ د/ إبراهيم اللاحم

ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[26 - 06 - 02, 07:44 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

فهذا بحث كتبه الشيخ د/ إبراهيم بن عبد الله اللاحم

الاستاذ المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية قسم السنة

وقد كتبه في مجلة الحكمة العدد 24

وسأنقله في حلقات لأن البحث طويل

الحلقة الأولى

يقصد بالتفرد أن يروي الراوي حديثا عن شيخه لا يشاركه فيه غيره، فيقال لم يتابع عليه، أو لم يروه غيره، أو تفرد به فلان عن فلان، ثم قد يكون التفرد مطلقا بحيث لم يتابع راوٍ ممن فوقه، إلى أن يصل الإسناد إلى النبي صلى اله عليه وسلم، وقد يكون نسبيا، بحيث يكون للحديث طرق أخرى مشهورة، ووقع التفرد في هدا الطريق.

ويتنوع التفرد النسبي إلى عدة أنواع، كما أن القسمين ـ المطلق والنسبي ـ قد يجتمعان في حديث واحد، وقد تكفلت كتب علوم الحديث بشرح هذا وتفصيله.

والمتأمل في كلام النقاد بصفة عامة، سواء على الرواة أو على الأحاديث يرى بوضوح اهتمامهم الشديد بتفرد الراوي فيما يرويه شيوخه، ويرى ان قضية التفرد إحدى القضايا الضخمة التي تدور عليها قواعد السنة.

وقضية التفرد لها ذيول وتفريعات كثيرة، مثل أثر التفرد على الراوي نفسه، وأثر التفرد على الحديث المعين، ومتى يزول التفرد، والشد بالطرق لتقوية الحديث، وغير ذلك.

وسأقتصر في هذا البحث على مسألة واحدة، وهي أثر التفرد على الحديث المعين، وفي حالة خاصة أيضا، وهي مسألة تفرد الثقة ومن في حكمه، كمن قيل فيه صدوق، أو لا بأس به، ونحو ذلك، وإن كنت أرى أن هذه الموضوعات المتعلقة بالتفرد هي كغيرها من مسائل العلوم، ينبغي دراستها بصفة متكاملة، للارتباط الشديد بينها، وتداخلها، غير ان في تجزئتها ـ مع الإشارة إلى ما بينها من ترابط في مناسبته ـ مصلحة من جهة أخرى، وهي الاختصار وتقريب العلوم والمعلومات، وتسهيل فهمها واستيعابها.

وقد جعلت هذا البحث المختصر في ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: موقف أئمة النقد من تفرد الثقة.

المبحث الثاني: ضوابط النظر في تفرد الثقة.

المبحث الثالث: موقف المتأخرين من تفرد الثقة.

### المبحث الأول###

@@@@ موقف أئمة النقد من تفرد الثقة @@@@

الناظر في كلام النقاد وتصرفاتهم حين وقوع التفرد يلاحظ بسهولة أن ذلك يسير في اتجاهين:

الاتجاه الأول: الرد بالتفرد، وتضعيف الإسناد به، سواء في كلامهم النظري، أو في تطبيقاته العملية.

فمن الأول ماورد عنهم من التحذير من الغرائب وتتبعها وكتابتها، ومما ورد عنهم من النص على غرائب الثقات قول أحمد (إذا سمعت أصحاب الحديث يقولون هذا حديث غريب، أو فائدة، فاعلم أنه خطأ، أو دخل عليه

حديث في حديث، أو خطأ من المحدث، أو حديث ليس له إسناد، وإن كان قد روى شعبة وسفيان، فإذا سمعتهم يقولون هذا لاشيء فاعلم أنه حديث صحيح) (1)

وقال أبو داود في وصف أحاديث السنن (والأحاديث التي وضعتها في كتاب السنن أكثرها مشاهير وهي عند كل من كتب شيئا من الحديث إلا أن تمييزها لا يقدر عليه كل الناس والفخر بها أنها مشاهير فإنه لا يحتج بحديث غريب ولو كان من رواية مالك ويحيى بن سعيد والثقات من أهل العلم.

ولو احتج رجل بحديث غريب وجدت من يطعن فيه ولا يحتج بالحديث الذي قد احتج به إذا كان الحديث غريباً شاذاً. فأما الحديث المشهور المتصل الصحيح فليس يقدر أن يرده عليك أحد) (2)

ونقل ابن رجب عن أبي بكر البرديجي قوله في سياق ما إذا انفرد شعبة، أو سعيد بن أبي عروبة، أو هشام الدستوائي بحديث عن قتادة، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم (المنكرهو الذي يحدث به الرجل عن الصحابة، أو عن التابعين، عن الصحابة، لايعرف ذلك الحديث ـ متن الحديث ـ إلا من طريق الذي رواه، فيكون منكرا)، ثم قال البرديجي (فأما أحاديث قتادة التي يرويها الشيوخ، مثل حماد بن سلمة، وهمام، وأبان والأوزاعي ننظر في الحديث فإن كان يحفظ من غير طريقهم عن النبي صلى الله عليه سلم، ولا من طريق أخرى عن أنس الا من رواية هذا الذي ذكرت لك، كان منكرا)

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015