ـ[احمد الجرابلسي]ــــــــ[27 - 12 - 10, 02:38 ص]ـ
(فوائد حديثية سمعناها من الأستاذ المحقق شعيب الأرناؤوط حفظه الله)
كنا بصحبة الشيخ أيام الأسبوع الماضي (12 _ 17محرم / 1432هـ 18_ 23/ 12 / 2010م) وقرأنا كتاب (نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر) للحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله، قراءة رواية ودراية، ثم حدثنا الشيخ في الختام عن تجربته مع تحقيق الكتب، وهذه بعض الفوائد التي سمعناها منه:
أ_دراسة علم المصطلح لا تجعل من الشخص محدثاً، والأمر يحتاج إلى التطبيق العملي بعد العلم النظري.
ب_التصحيح والتضعيف في علم الحديث أمر اجتهادي، وبعض الناس يتشدد؛ فيضعف الحديث والعكس قد يحدث، وهناك من يتخبط في مسألة التصحيح والتضعيف.
ج_ كتب الجرح والتعديل في معرفة الرجال خير معين على التصحيح والتضعيف في علم الحديث، وأهمها (تهذيب الكمال، وميزان الاعتدال، والتقريب، وثقات ابن حبان ... ).
د_الإجازات عند المتأخرين لا قيمة لها _في نظره_، وأفضل من هذه الإجازات قراءة الكتب المحققة، وقراءة كتاب محقق وفهمه هي بمثابة إجازة من الشيخ صاحب الكتاب.
هـ_الخصومة بين الأقران لا يُلتفت إليها، وشهاداتهم في بعضهم لا يسمع لها، فربما تجد عالِمَيْن فاضلين يقدح كل منهما بصاحبه، والعالِم المشهود له لا يقلل شأنَه جرحُ معاصريه.
و_ التوثيق مقدم على الجرح، والجرح لا بد أن تذكر أسبابه، ولا يقبل الجرح المطلق العام عند أكثر العلماء.
ز_أفضل كتب السنن (أبو داود) من حيث قوة السند، ثم النسائي، ويتميز الترمذي بتبويبه، والثلاثة طبقة واحدة، ويقصر عنهم ابن ماجه، لكنه تفرد بألف حديث صحيح.
ح_ العظماء نُسَخٌ فريدة لا تتكرر، البخاري، الشافعي، ... إذا قرأت ما كتبوه تتصاغر نفسُك، وربما تتشوف نفسُ الإنسان للعظمة، لكن ينبغي أن يعرف المرءُ قدرَ نفسِهِ.
ط_لا تُهِن نفسَك، بل أكرمها، فلربما توفق للإتيان بشيء فات على المتقدمين، أو غفلوا عنه، فكم ترك الأول للآخِر.
ي_ كان أخذ العلم في زمانهم أمراً صعباً، والحصول على المراجع أكثر صعوبة، فأبو داود أمضى ربع قرن يرتحل لجمع الحديث ومصادره، وكذلك ابن حبان، وأحمد بن حنبل، ونحن صار العلم يقدم لنا بكل يسر وسهولة؛ فعلينا الجد والاجتهاد واغتنام ذلك.
ك_ ينبغي علينا الحرص على جمع الكتب واقتنائها، فلو اشترى المرء كتاباً كل شهر؛ سيصبح لديه بعد سنوات مكتبة عامرة تفيده، ثم يستفيد منها أولاده بعد ذلك.
ل_ من الكتب التي ينصح باقتنائها: أسد الغابة، الاستيعاب، كشف الخفاء، المقاصد الحسنة، شرح السنة للبغوي.
م_ على طالب العلم نبذ العصبية والتقليد الأعمى، والتحلي بأدب الخلاف أخذاً من قول الله تعالى: (ففهمناها سليمان وكلاً آتينا حكماً وعلماً). [الأنبياء:79].
ن_علم التحقيق علم صعب يحتاج إلى إلمام بالعربية، ومعرفة الرجال، ومدى قوتهم، وسمعهم عن شيوخهم.
س_ السعيد من يحفظ وقته من الضياع، وينتفع بأوقاته، ويجد السير في الطلب، فكل من سار على الدرب وصل، فاشحذوا الهمة، وأخلصوا النية، فإن سلعة الله غالية.
ع_ أول كتاب حققه الشيخ قبل اثنتين وأربعين سنة، والكتاب هو (مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه). يقول: ولو عدتُّ لتحقيقه اليوم لما زدتُّ عليه شيئاً؛ لأني بذلتُ فيه كل جهدي.
ف_ لا تعتمدوا على فهارس المخطوطات اعتماداً كلياً، ففيها أخطاء، ومعلومات مغلوطة، ولو رجعتم للمكتبات ربما تجدوا الحقيقة غير ما هو موجود في الفهارس.
ص_قد يصل الإنسان بحرصه على العلم والتعلم إلى مرتبة يفوق بها غيره ممن هم أشد ذكاءً منه، وهذا ما حصل مع الشيخ، فالحرص يخرج الإنسان من البلادة إلى التميز.
ق_تركَ الشيخُ المدرسةَ لما فيها من أساليب التعليم الخاطئة كالضرب المبرح للطلبة، وأقبل على دروس المساجد في الأموي وغيره، ومكث عشر سنوات ينهل منها، يقول: والذي يحضر تلك الدروس يحصل من العلوم ما يفوق حصيلة من يحمل شهادة الدكتوراه اليوم.
ر_ينوي الشيخ إخراج مَعْلَمة حديثية شاملة لكل كتب السنة بتحقيقه، فهو قد قام بتحقيق كل كتب السنة المعروفة، ولم يبق إلا كتاب المستدرك، وسينتهي من تحقيقه قريباً.
وهناك نصائح خَصَّنِي بها الشيخ ولا أظن أنها تهم الناسَ كثيراً، ولهذا فلن أذكرها سوا نصيحته لي بأن لا أطبع كتبي في دور النشر، بل أقوم بطبعها بنفسي، وعلى حسابي، وصلى الله وسلم وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.