روى الإمام أحمد (1/ 20) والبيهقي في الشعب (6/ 157) من طريق عمر بن السائب عن القاسم بن أبي القاسم أنه سمع قاص الأجناد بالقسطنطينية يحدث عن عمر بن الخطاب أنه قال: يا أيها الناس إني سمعت رسول الله e يقول ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر , ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بإزار , ومن كانت تؤمن الله واليوم الآخر فلا تدخل الحمام)).
والحديث بهذا الإسناد منكر جداً والقاسم مجهول وكذلك هذا القاص الذي روى عن عمر , وعمر بن السائب فيه جهالة.
ـ وبهذا يتبين أنه لايصح عن النبي e حديث في الحمام.
ماروي عن الصحابة رضي الله عنهم في الحمام
1) روى عبد الرزاق (1/ 291) عن معمر وابن أبي شيبة (1/ 104) من طريق منصور كلاهما عن قتادة أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى: ((لا يدخل أحد الحمام إلا بمئزر)) وهو مرسل , وقتادة لم يدرك عمر بينه وبينه مفاوز.
2) وروى عبد الرزاق (1/ 295) عن ابن جريج قال: أخبرني سليمان بن موسى عن زياد بن جارية حدثه عن عمر كان يكتب إلى الآفاق: لاتدخلن امرأة مسلمة الحمام إلامن سقم. وسنده لابأس به وسليمان بن موسى وثقه ابن معين والدرارقطني ودحيم وابن سعد , وقال البخاري: عنده مناكير , وقال النسائي: ليس بالقوي في الحديث وذكره أبوزرعة في أسامي الضعفاء وكذا ذكره العقيلي في الضعفاء وقال ابن عدي: حدث عنه الثقات وهو أحد علماء أهل الشام وقد روى أحاديث ينفرد بها لا يرويها غيره , وهو عندي ثبت صدوق.
قلت: ويشهد لحديثه مارواه البيهقي في الشعب (6/ 159و160) من طريق ابن وهب أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي جيب وابن مرحوم بن ميمون أنهما سمعا عيسى بن سيلان يقول: سمعت قبيصة بن ذؤيب يقول سمعت عمر بن الخطاب يقول: لا يحل لرجل يدخل الحمام إلا بمئزر , ولا يحل لامرأة أن تدخل الحمام. فقام رجل فقال: لقد منعتها من حين سمعتك تنهى عن ذلك وإنها لسقيمة. فقال عمر: إلامن سقم.
وهذا سند ضعيف ابن لهيعة ضعيف مطلقاً سواء كان من رواية العبادلة وهم عبد الله بن المبارك , وعبد الله بن وهب , وعبد الله بن يزيد المقرئ أو من رواية غيرهم وإن كانت رواية العبادلة عنه أحسن من غيرها , والتعبير بالأحسن إنما هو نسبي يعني بالنسبة إلى غيره والأئمة كثيراً ما يطلقون عبارة: أحسن شيئ في الباب. بمعنى أحسن أحاديث الباب وأقلها ضعفاً وإن كان ضعيفاً في نفسه وابن لهيعة وجدت المناكير في رواية العبادلة عنه كما وجدت في رواية غيرهم. وقد قيل ليحيى بن معين: فسماع القدماء والآخرين من ابن لهيعة سواء؟ قال: نعم سواء واحد. وقال ابن أبي حاتم: قلت لأبي: إذا كان يروي عن ابن لهيعة مثل ابن المبارك وابن وهب يحتج به؟ قال؟ لا والكلام في حال ابن لهيعة يحتاج إلى مؤلف خاص وإنما أردت التنبيه لأنه اشتهر عند كثير من المتأخرين تصحيح رواية العبادلة عن ابن لهيعة وهو خلاف صنيع الأئمة المتقدمين النقاد , ولولا خشية الإطالة لسقت بعضاً من مناكيره من رواية العبادلة عنه. وعيسى بن سيلان قال الدارقطني: يعتبر به , أما رواية قبيصة عن عمر فقد قال المزي: يقال: إنه لم يسمع منه وإن كان الإسناد السابق فيه تصريح قبيصة بالسماع من عمر , ولكنه إسناد ضعيف لا يعتمد عليه في إثبات ذلك والله أعلم.
3) ومما يشهد لحديث عمر مارواه علي بن الجعد في مسنده (2374) قال: أنا شريك عن عبد الله بن عيسى عن عمارة بن راشد عن جبير بن نفير قال: قُرئ علينا كتاب عمر بالشام: لايُدخل الحمام إلا بمئزر , ولاتدخله امرأة إلا من سقم. وشريك ضعيف , وعمارة مجهول.
4) وروى ابن أبي شيبة (1/ 103) قال: ثنا جرير عن عمارة عن أبي زرعة قال: قال علي: بئس البيت الحمام. ورواته ثقات وأبوزرعة قال المزي: رأى علي بن أبي طالب. وكأنه اعتمد على كلام الواقدي فإنه صرح بأنه رأى علياً y, وقد قال ابن أبي حاتم سألت أبي عن حديث رواه عبد الواحد بن زياد عن يونس بن عبيد عن عمر وبن سعيد عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير قال: قال سعد بن مالك: رأيت امرأة تطوف بالبيت. قال أبي: لا أظن أبازرعة أدرك سعداً وسعد بن مالك هو ابن أبي وقاص وقد اختلف في سنة وفاته على أقوال أظهرها قولان أنها سنة أربع وخمسين أو خمس وخمسين فإن لم يدرك سعداً فهو
¥