أخرجه المستغفري في "كتاب الدعوات" ـ كما في "كنز العمل" (9/ 299) ـ مرفوعاً: "ما من عبد يقول حين يتوضأ: بسم الله، ثم يقول لكل عضو: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله، ثم يقول حين يفرغ: اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، إلا فتحت له ثمانية أبواب للجنة يدخل من أيها شاء، فإن قام من فوره ذلك فصلى ركعتين يقرأ فيهما ويعلم ما يقول، انفتل من صلاته كيوم ولدته أمه، ثم يقال له: استأنِف العمل".

قال المستغفري: "حديثٌ غريب".

* قلتُ: لم أقف على سنده، وإني لأستبعد صحته جداً، بل فيه نكارة، فلم يصح حديثٌ فيما يقوله المتوضئ على أعضائه.

فقد قال النووي في "شرح المهذب" (1/ 465): "أصل له، ولا ذكره المتقدمون".

وقال في "الأذكار" (ص 24): "وأما الدعاء على أعضاء الوضوء فلم يجيء فيه شيء عن النبي r".

وقال ذلك أيضاً في "الروضة" (1/ 62).

وقال ابن القيم في "المنار" (ص 120): "أحاديث الذكر على أعضاء الوضوء كلها باطلة، ليس فيها شيء يصح".

وكذا قال في "زاد المعاد" (1/ 195) ويأتي لفظه قريباً.

ثم رأيت في "إتحاف السادة" (2/ 368) للزبيدي أن المستغفري رواه من طريق سالم بن أبي الجعد، عن البراء، وهذه آفةُ اختصار السند فإن الناظر إلى هذا القدر من السند يجزم بصحته، والعلم غالباً تكون فيمن دون من بدأ النقل من عنده.

وتبين لي ـ فيما بعد ـ أن الزبيدي نقل هذا من الحافظ ابن حجر.

فإنه قال في "نتائج الأفكار" (1/ 246): "أخرجه جعفر المستغفري الحافظ في "كتاب الدعوات" من طريق سالم بن أبي الجعد عن البراء .. فذكره،

ثم قال: هذا حديثٌ غريب".

وقد رأيت في المجلس الثامن والأربعين من "النتائج" رواية للطبراني في "الأوسط" من طريق الأعمش، عن سالم بن أبي الجهد، عن ثوبان مرفوعاً: "من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال عن فراغه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، اللهم اجعلني من التوابين ... الحديث". ولم يذكر التسمية.

ثم قال الحافظ: "سالم لم يسمع من ثوبان، والراوي له عن الأعمش ليس بالمشهور".

* قلتُ: فكان هذا من الاختلاف على سالم بن أبي الجعد في إسناده،

والله أعلم. ولعل تحسين المستغفري له يكون لجملته بقطع النظر عن خصوص ألفاظه، والله المستعان.

ثالث عشر: حديث أبي ذر t :

أخرجه ابن عدي في "الكامل" (6/ 2366) من طريق المنذر بن زياد،

ثنا عمرو بن دينار، عن أبي نضرة، عن أبي ذر مرفوعاً: "لا يؤمن عبد حتى يؤمن بي، ولا يؤمن بي حتى يحب الأنصار، ولا صلاة إلا بوضوء، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله".

قال ابن عدي: "وهذا بهذا الإسناد غير محفوظ، ولم أره إلا من رواية المنذر بن زياد".

* قلتُ: والمنذر كذبه الفلاس، وتركه الدارقطني.

وقال الساجي: "يحدث بالبواطيل".

* قلتُ: فالحاصل أن حديث: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه"

حديثٌ حسنٌ على أقل أحواله، صحيح على الراجح بمجموع شواهده،

وأقصد بها حديث أبي سعيد الخدري، وبعض الطرق من حديث أبي هريرة، وسعيد بن زيد، وسهل بن سعد، وما عدا ذلك فضعفه لا يُحتمل.

وقد قوَّى الحديث جماعة من أهل العلم، منهم:

1 - إسحاق بن راهويه، قال:

"أصح شيء فيه حديثُ كثير بن زيد" ([4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1389448#_ftn4)).

2- البخاري، قال:

"حديث سعيد بن زيد أحسن شيء في هذا الباب".

3 - أبو بكر بن أبي شيبة، قال:

"ثبت لنا أن النبي r قاله".

4 - الحافظ المنذري، قال في "الترغيب" (1/ 100):

"وفي الباب أحاديث كثيرة، لا يسلم منها مقالٌ، وقد ذهب الحسن وإسحق بن راهويه، وأهل الظاهر إلى وجوب التسمية في الوضوء، حتى أنه إذا تعمد تركها أعاد الوضوء، وهو رواية عن الإمام أحمد، ولا شك أن الأحاديث التي وردت فيها، وإن كان لا يسلم شيء منها من مقال، فإنها تتعاضد بكثرة طرقها، وتكتسب قوة، والله أعلم". أهـ

5 - أبو عمرو بن الصلاح:

نقل عنه الحافظ في "النتائج" (1/ 237) قوله:

"ثبت بمجموعها ما يثبت به الحديث الحسن، والله أعلم".

6 - أبو الفتح اليعمري ابن سيد الناس، قال:

"أحاديث الباب إما صريح غير صحيح، وإما صحيح غير صريح".

وقد يكون مراده نفي الصحة وحدها لا الحسن، والله أعلم.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015