* قلتُ: وسعيد بن سالم القداح وثقه ابن معين، ورضيه آخرون ولكن تكلم فيه ابن حبان، وضعفه السياجي، وعثمان الدارمي.

وقال العجلي: "ليس بحجة".

فهؤلاء الثلاثة متكلم فيهم، ومخالفتهم للثقات المتقدمين مرجوحة.

اللون الثالث:

أن الدراوردي عبد العزيز بن محمد، رواه عن أبي ثفال، عن رباح بن عبد الرحمن، عن ابن ثوبان، عن النبي r مرسلاً.

هكذا ذكر الدارقطني في "العلل" ـ كما في "التلخيص" (1/ 74) ـ، فاختلف الدراوردي مع عبد الرحمن بن حرملة في إسناده، ولكن اختُلف على الدراوردي فيه.

فأخرجه الطبراني في الدعاء (ق 46/ 1) من طريقين عن الدراوردي عن أبي ثفال المري، قال: سمعت رباح بن عبد الرحمن ابن حويطب، يُحدِّث عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة مرفوعاً: "لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه".

* قلتُ: فلو كان ذكرُ "أبي هريرة" محفوظاً، لكان اختلافاً قادحاً في رواية الدراوردي، ولكن الشأن فيمن روى عن الدراوردي الرواية المرسلة.

ثم رأيت الحديث في "شرح معاني الآثار" (1/ 27) للطحاوي، فرواه من طريق محمد بن سعيد، قال: نا الدراوردي، عن ابن حرملة،

عن أبي ثفال، عن رباح بن عبد الرحمن العامري، عن أبي ثوبان،

عن أبي هريرة مرفوعاً به.

فلا أدري هل هذا من خطأ النسخة أم هو اختلاف آخر على الدراوردي؟ ذلك أن شيخ الدراوردي في سند الطحاوي هو "عبد الرحمن بن حرملة"، بينما شيخه عند الطبراني هو "أبو ثفال المري" فالله أعلم بحقيقة الحال.

اللون الرابع: ورواه حماد بن سلمة، عن صدقة مولى آل الزبير، عن أبي ثفال، عن أبي بكر بن حويطب ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1389448#_ftn1)) مرسلاً عن النبي r .

أخرجه الدولابي في "الكنى" (1/ 120)، وابن عساكر (ج6 / ل 193).

وذكره البيهقي (1/ 44) عن الترمذي وهو في "العلل الكبير" (1/ 111) قال: "هو حديثٌ مرسلٌ".

قال ابن عساكر: "هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجه وصدَقَةٌ لم ينسب".

وصدقة مولى آل الزبير جهله الدارقطني، كما نقله ابن الجوزي في "الواهيات" (1/ 338).

* قلتُ: والراجح من هذا الاختلاف هو الوجه الأول، الذي رواه بشر ابن المفضل، ووهيب ومن معهما كما قال الدارقطني رحمه الله.

وإذ قد رجحنا الوجه الأول، فلننظر فيه ..

قال الترمذي في "العلل" (2/ 112): "سمعت إسحاق بن منصور، يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لا أعلم في هذا الباب حديثاً له إسنادٌ جيدٌ".

وقال البخاري ونقله عنه ابن عساكر (ل 193):

"أحسنُ شيءٍ في هذا الباب حديثُ رباح بن عبد الرحمن".

وقال العقيلي: "الأسانيد في هذا الباب فيها لين".

وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (ج1 / رقم 129).

"سمعت أبي وأبا زرعة، وذكرت لهما حديثاً رواه عبد الرحمن بن حرملة، عن أبي ثفال .. فذكره فقالا: ليس عندنا بذاك الصحيح أبو ثفال مجهول، ورباحٌ مجهول".

وقال البيهقي: "أبو ثفال ليس بالمعروف جداً".

* قلتُ: أما أبو ثفال ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1389448#_ftn2)) ، فقد قال البخاري:

"في حديثه نظر".

قال الحافظ في التلخيص" (1/ 74): "وهذه عادته فيمن يضعفه".

وقد فرق الشيخ العلامة ـ ذهبي العصر ـ المُعلمي اليماني رحمه الله بين قول البخاري: "فيه نظر" وبين "في حديثه نظر".

فقال رحمه الله في "التنكيل" (1/ 205):

"فقوله: "فيه نظر" يقتضي الطعن في صدقه، وقوله: "في حديثه نظرٌ" تُشعِر بأنه صالحٌ في نفسه، وإنما الخلل في حديثه لغفلة أو لسوء حفظ".

* قلتُ: وقولُ الشيخ رحمه الله في تفسير قول البخاري "فيه نظر" بأن ذلك يقتضي الطعن في صدقه، فيه نظرٌ، فقد قال البخاري في "هبد الرحمن بن هانئ النخعي" ـ كما في "التهذيب" (6/ 290) ـ: "فيه نظرٌ، وهو في الأصل صدوقٌ"، فهذا يُبين أن المقتضى لا يدوم، إنما يقال: إن هذه العبارة تحتمل الطعن في صدقه، إلا أن يقال: من قال فيه البخاري هذه العبارة مطلقة، فالأصل أنها لا تشمل صدقه، إلا أن يردفها بالقرينة التي تُقيد هذا الإطلاق كما في المثال الذي ذكرته، وفيه بعدٌ عندي، فهذا يحتاج إلى نص من الإمام، أو استقراء تتابع عليه جماعة حتى يوثق بفهمهم، مع أننا وجدنا أن البخاري أطلق هذه

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015