أيصدر هذا الفعل منه وقد روى أحاديث كثيرة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعن جلّة الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ولكن سبحان من يهب لمن يشاء عقولا!] انظر ترجمة هذا العلم في البداية والنهاية (9/ 8) [
رابعاً: كذبه على معاوية ـ رضي الله عنه ـ
إن أكثر من نيل منه من أصحاب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنهما ـ.
فقد نقل عن أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنهما ـ الذي دعا له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: (اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب) رواه أحمد. (اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به) رواه الترمذي وشهد له حبر الأمة ابن عباس بالفضل والفقه وقال عنه الإمام ابن كثير: (هو أول ملوك الإسلام وخيارهم) وغير ذلك مما لا يسعه هذا المقال ولا يخفى على مسلم ويكفيه شرفا أنه ممن تكحلت عينه برؤية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصحبته رضي الله عنه وأرضاه.
فقد نقل عنه (صاحب العقد) أنه كان يمنع الغناء لأنه كان لا يستهويه ولا تميل له نفسه أي كان يتبع هواه! وحين سمع أحد المغنين يُلحن أبياتا يعشقها قلبه أجازه وأمر بأن تضرب الأوتار!
وهذا نص الخبر:
(عن الأصمعي قال: كان معاوية يعيب على عبد الله بن جعفر سماع الغناء فأقبل معاوية عاما من ذلك حاجا فنزل المدينة فمر بدار عبد الله بن جعفر فسمع عنده غناء على أوتار فوقف ساعة يستمع وهو يقول: أستغفر الله! أستغفر الله! فلما انصرف من آخر الليل مر بداره أيضا فإذا عبد الله قائم يصلي فوقف ليسمع قراءته فقال الحمد لله! ثم نهض وهو يقول: (خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) (التوبة: من الآية102) فلما بلغ ابن جعفر ذلك أعدله طعاما ودعاه إلى منزله وأحضر ابن صياد المغني ثم تقدم إليه يقول: إذا رأيت معاوية واضعا يده في الطعام فحرّك أوتارك وغن فلما وضع معاوية يده في الطعام حرّك ابن صياد أوتاره وغنى بشعر عدي بن زيد وكان معاوية يعجب به.
يا لُبيني أوقدي النارا ... إن من قد تهوين قد حارا
رُبّ نار بتُّ أرمقها ... تقضم الهندي والغارا
ولها ظبي يؤججها ... عاقد في الخصر زنارا
قال: فأعجب معاوية غناؤه حتى قبض يده عن الطعام وجعل يضرب برجله الأرض طربا فقال له عبد الله بن جعفر يا أمير المؤمنين إنما هو مختار الشعر يركب عليه مختار الألحان فهل ترى بأسا؟ قال لا بأس بحكمة الشعر مع حكمة الألحان). وذكر أيضا أن معاوية ـ رضي الله عنه ـ طرب طربا شديدا وجعل يحرك رجله.] العقد الفريد (7/ 19 ـ 21) [
وهذا الذي كذب على أمير المؤمنين معاوية يعلم أن بينه وبين ابن جعفر صحبة فاستغل ذلك ليغتر الناس بكذبه.
وهذا باب قد أكثر أهل الأهواء طرقه كمن روى عن معاوية ـ رضي الله عنه ـ أنه قال لابن عباس ـ رضي الله عنها ـ: يابني هاشم، مالكم تصابون في أبصاركم؟ فقال: وأنتم تصابون في بصائركم! وذلك أنه لم يوجد ثلاثة مكافيف على نسق، غير عبد الله، والعباس، وعبد المطلب). فقال الأديب الخويطر ـ حفظه الله ـ معلقا على هذا الخبر المختلق: (لقد أغرى الكاذب علمه بأن عبد الله والعباس والمطلب كانوا مكافيف بالتتابع أن يركب القصة لعدم رضاه على معاوية فأراد أن يظهره بمظهر المعتدي المهزوم). وقبل ذلك قال أن النص مختلق والكذب فيه واضح لان الجانبين على خلق يأبى لهما أن ينزل إلى هذا المستوى من السباب والعلاقة الحذرة بينهما والاحترام المتبادل يجعل من المستحيل أن يقع شيء مما قيل أنه حدث)] ملء السلة من ثمر المجلة: (1/ 130، 131) [
وهذه سبل الأدباء الضلال لتركيب الكذب وتلبيس الحق غير لباسه.
وذكر ـ صاحب العقد ـ أيضا عن أمير المؤمنين معاوية ـ رضي الله عنه ـ أنه كان يأمر أصحابه بلعن أمير المؤمنين علي ـ رضي الله عنه ـ على المنابر وفي المجتمعات وفي المجالس ونقل عنه خطبا بذيئة وألفاظا سوقية وبعض المواقف التي يترفع عنها ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ.
وكذلك أساء في نقولاته عن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ وكذلك ما نقله عن أمير المؤمنين علي ـ رضي الله عنه ـ وهو يتلفظ بألفاظ سافلة وكلام قبيح في أكثر من موضع فلا أدري أين ذهب تشيعه!
(خوضه في الفتنة)
¥