- من الاستطرادات التي حسنتها العادات: التراجم للأعلام في البحوث العلمية العالية، وهو أمر جدير بإعادة النظر، فإن البحوث المتعلقة بعلوم الحديث الشريف، لا تقل أسماء الأعلام فيها عن المئات غالباً، والتزام الترجمة لكل واحد منهم، مع ذكر مصدر لذلك يزيد في ضخامة الرسالة من دون طائل؛ فإن مجال الدربة والمهارة في الوصول إلى مظانِّ التراجم ينبغي أن يكون في المرحلة الجامعية، وليس في الأبحاث العلمية العالية، هذا أولاً.
وثانياً: الترجمة للأعلام بالطريقة السائدة الآن، أسلوب غربي استشراقي، سببه جهل قرائهم المطبق بأعلام الإسلام، فهم يترجمون للصديق والفاروق رضي الله عنهما، ويترجمون لأبي حنيفة والشافعي رحمهما الله!!. قال شيخنا العلامة د. نور الدين عتر حفظه الله: ((وقد أطال كثير من المحققين التعليقات بتراجم الأعلام لمجرد ورودها، تقليداً للأسلوب الأجنبي في التحقيق، لكنَّ الوضع العلمي يختلف بيننا وبينهم، فإن القوم لا يملكون تراثاً في تراجم علمائهم كالذي عندنا، فليس بلازم لنا أن نسلك هذا الأسلوب، وحسبنا إحالة القارئ .. على المراجع ليأخذ منها بغيته، لاسيما وأن هذه التراجم المقتضبة لا تفي بالغرض في أكثر الأحيان)) (12).
وثالثاً: تشيع فكرة أن أي بحث علمي يمكن أن يقع في يد أي إنسان! لذلك لابد من شرح كل كلمة قد يستغربها ذلك الإنسان من كان!، وترجمة كل علم لا يعرفه ... الخ . أقول: إن ذلك من امتهان العلم، فإن أمثال هذه الأبحاث العلمية العالية لم تكتب ليقرأها كل إنسان!، ومشهورٌ منعُ بعض العلماء النقل عنهم والقراءة في كتبهم، لمن لم يحصِّل أهلية ذلك (13).
ورابعاً: لا يكون الاستغناء عن ترجمة الأعلام بحفظ تراجمهم ضرورة! بل يكفي من ذلك معرفة كيفية الوصول إليها عند الحاجة، وطالب الحديث يجهل وَفَيات كثير من رجال الكتب الستة؛ لكنه يستطيع الوصول إليها بطرفة عين في ((تقريب التهذيب)).
وخامساً: التراجم فن مستقل بذاته، له كتبه المدونة، فإثقال الحواشي به يقطع على القارئ تسلسل الأفكار التي يقرؤها في صلب البحث، وربما صارت التراجم في بعض الأبحاث والكتب نوعاً من الحشو، يراد منه تغطية هُزَال البحث بكثرة الأسطر و الأوراق!.
وسادساً: استخراج مئات أو عشرات التراجم يتطلب أوقاتاً ثمينة، صرفها في تحصيل صلب العلم أولى. المهم أن يعرف الطالب كيف تستخرج الترجمة.
لذلك كله: أعرضت عن الترجمة للأعلام وفق الأسلوب السائد، واكتفيت بما يحقق غرضاً علمياً في المسألة، كذكر اسمِ أو لقبِ أو نسبةِ أو تاريخِ وفاة مصنفٍ أو إمام – من غير رجال الأسانيد و النقول – في متن الرسالة عند الحاجة، وقد أكرر ذلك التاريخ نفسه لغرض علمي، كالسرد التاريخي، معتمداً في ذلك على ((تقريب التهذيب))، لابن حجر، أو ((سير أعلام النبلاء))، للذهبي، أو على تراجمهم في مقدمات كتبهم حيث لا غلط.
وقد أترجم في الحواشي – نادراً – لبعض من يقلُّ ورود أسمائهم، وخاصة من غير المحدِّثين.
وحاولت التزام التَّرحُّم على العلماء – في غير الأسانيد و النقول – مع التقليل من الألقاب ما أمكن، فهي جميعها محفوظة، والدعاء للعالم أقرب إلى أداء حقِّه، وأمر الألقاب يطول. رضي الله عن أهل رضاه من الحفَّاظ و المحدِّثين، وسائر العلماء العاملين، من الصحابة والتابعين وأتباعهم إلى يوم الدين.
- أما ضبط الكلمات بالشَّكل، فقد حاولت التوسط: فشكلت ما أُراه مُشكِلاً فقط.
ثالثاً – طريقة العزو:
- عزوت الآيات الكريمة إلى السورة ورقم الآية، ضمن معقوفين في صلب الرسالة.
- أما تخريج الأحاديث الشريفة، فقد تفاوت منهج التخريج، تبعاً للغرض العلمي المراد منه.
- فتارة يكون المراد منه مجرد العزو، فحينئذ إن كان في الصحيحين أو أحدهما: أكتفي بعزوه إليهما أو إلى أحدهما، وإن كان في أحد السنن المشهورة فأكتفي بعزوه إليها كذلك، إلا لغرض مهم، فأزيد في التخريج.
- وتارة يكون المراد من التخريج: معرفة علة الحديث، فحينئذ أعتني بذكر مداره ومخرجه، وأتوسع في عزوه إلى المصادر الحديثية الأخرى، سالكاً في ذلك أساليب متنوعة، بحسب الغرض العلمي المراد من ذلك.
¥