الذين حملوا لواءه، وجاهدوا في نشر دعوته. ثم اعتنى أصحاب الحديث بفقه التابعين الذين نشؤوا في الإسلام، واجتهدوا في تحري الأصوب من دلائل الأحكام، وهم في ذلك عاملون بأمره r : (( ألا ليبلغ الشاهدُ الغائبَ، فلعل بعض من يُبَلَّغه يكون أوعى له من بعض مَنْ سمعه)) (1)؛ فكان جزاء أداء الأمانة عظيماً، وهو دعاء رسول الله r لهم: ((نضَّر الله امرأً سمع منا حديثاً، فحفظه حتى يبلِّغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه)) (2) yوأرضاهم، ونفعنا بحبهم فالمرء مع من أحب.

أما بعد:

فإن العالم الإسلامي في مختلَف أقطاره، يشهد في هذا العصر اهتماماً واضحاً من أبناء الإسلام بالسنة المطهرة والحديث الشريف، ويشهد العالم الإسلامي بمقابل ذلك: عقوقاً من بعض المنتسبين أو المنسوبين إليه!؛ فهم في إدبار عن السُّنَّة والإسلام، وإقبال على الهوى والضلال، الذي يبثه أعداء ألداء، لهم في الكيد و المكر تاريخ طويل، أخبر الله U عنهم في كتابه فقال: ? ودَّ كثيرٌ مِنْ أهْلِ الكِتابِ لو يرُدُّونكم من بعدِ إيمانِكم كُفَّاراً حَسَداً من عند أنفُسهم من بعد ما تبيَّن لهم الحقُّ ? [البقرة: 109]، وقال سبحانه: ? ودَّت طائفةٌ من أهلِ الكتابِ لو يُضِلُّونكم وما يُضِلُّون إلا أنفسَهم وما يشعُرون ? [آل عمران: 69]، وقال سبحانه: ? ياأيُّها الذينَ آمنوا لا تتَّخِذوا بِطانةً مِنْ دونِكم لا يألُونكم خَبالاً وَدُّوا ما عَنِتُّم قد بَدَتِ البَغْضاءُ مِنْ أفواهِهِم وما تُخْفي صُدُورهم أكبرُ قَدْ بَيَّنَّا لكُم الآياتِ إنْ كنتم تعقِلون. هاأنتُم أولاءِ تُحِبُّونهم ولا يُحِبُّونكم و تُؤمنونَ بالكِتابِ كُلِّهِ وإذا لَقُوكُم قالوا آمنَّا وإذا خَلَوا عَضُّوا عليكُم الأنامِلَ مِنَ الغَيظِ قُل مُوتوا بِغَيظِكم إنَّ اللهَ عليمٌ بذاتِ الصُّدور. إنْ تمسَسْكم حَسَنَةٌ تَسُؤهم وإنْ تُصِبْكُم سَيِّئةٌ يَفرحُوا بها وإنْ تَصْبِروا و تتَّقوا لا يَضُرُّكم كَيدُهم شيئاً إنَّ اللهَ بما يَعملُونَ مُحِيطٌ ? [آل عمران: 118 - 120]، أما حال من ارتد عن الإسلام بحاله أو بمقاله، فهو كحال من أخبر الله تعالى عنه بقوله ? واتلُ عليهِم نبأ الذي آتَيْناه آياتِنا فانسلَخَ منها فأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فكانَ مِنَ الغاوِين. ولو شِئْنا لَرَفَعْناهُ بها ولكنَّه أَخْلَدَ إلى الأرضِ واتَّبَعَ هواه فمَثَلُه كمَثَلِ الكَلْبِ إنْ تَحْمِلْ عليهِ يَلْهَثْ أو تَتْرُكه يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ القومِ الذينَ كَذَّبُوا بآياتِنا فاقْصُصِ القَصَصَ لعلَّهُم يتفكَّرُون ? [الأعراف: 175 - 176]، وأخبر عنهم سيدنا رسول الله r بقوله: ((دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها))، فقال حذيفة بن اليمان t : يا رسول الله صفهم لنا. قال: ((هم من جِلدَتِنا ويتكلَّمون بألسنتنا!)) 3.

نعم: يشهد العالم الإسلامي اليوم كثرة من هؤلاء يدعمهم بعض ذوي النفوذ في الداخل والخارج! يزعمون تجديد الدين، لكن على مذهب بولص وعبد الله بن سبأ! نعوذ بالله من كل منافقٍ عليمِ اللسان، فهل ما يقابل ذلك من الاهتمام بالسُّنة والحديث من أبناء الإسلام الغيورين كفيلٌ بِرَدِّ الحملة الشرسة التي يشنها على السُّنَّةِ وأهلِها أهلُ الكفر المعلن أو الزندقة الخفية؟!. هل يسير الاهتمام بالسنة والحديث الشريف من أبناء الإسلام في هذا العصر في مسارٍ صحيح موصل إلى الغاية؟!.

التاريخ الآتي هو الذي سينبئ عن ذلك، ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى.

لكنَّ (محاسبة النفس) أو ما يسمى بلسان العصر: (النقد الداخلي) مهم جداً في طلب الحق وتحري الصواب، ثم تخطي العوائق من عقبات وأخاديد، التي تعرِض لذلك الاهتمام بالسنة المطهرة والحديث الشريف؛ فتحول بينه وبين الوصول إلى غايته، من الفوز برضا الله تعالى، والقرب من رسول الله r ، تصديقاً بالخبر، وطاعةً لله U ورسوله r في الأمر والنهي.

ومن باب محاسبة النَّفس أقول مستعيناً بالله تعالى: إن مما يؤخَذ على الاهتمام المعاصر بالسُّنَّة النبوية والحديث الشريف، وأُراه يعود بالضَّرر على السُّنَّة وأهلها، ويمكِّن أعداءَها من الطَّعن فيها، مستشهدين ببعض من يزعم نصرتها!:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015