قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يشك في وضعه، ولو لم يدل على ذلك إلا الأشعار الركيكة والأفعال التي يتنزه عنها أولئك السادة. قال يحيى بن معين: أصبغ بن نباتة لا يساوي شيئاً- فهو من رجال السند- وقال أحمد بن حنبل: حرقنا حديث محمد بن كثير، وأما أبو عبد الله السمرقندي فلا يوثق به.

قال السيوطي: قال الحكيم الترمذي [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1340247#_ftn1) في نوادر الأصول: ومن الحديث الذي تنكره القلوب حديث رواه ليث عن مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى: (يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً * ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً) الإنسان: 7 - 6. وذكر حديثاً مطولاً، ثم قال الحكيم الترمذي: هذا حديث مفتعل أ. هـ.

فإن قلت: ذكر الزمخشري وغيره من المفسرين أن هذه الآية نزلت فيهم للسبب المذكور قبل.

قلت: جرت عادة كثير من المفسرين أنهم يذكرون ما بلغهم عن نبي , أو صحابي , أو تابعي أو غيره، سواءً كان صحيحاً أو ضعيفاً أو موضوعاً. ألا ترى أن بعضهم قد فرق في تفسيره الحديث الموضوع في فضل كل سورة من القرآن: من قرأ سورة كذا وكذا فله من الأجر كذا كذا. وقد اتهم به المحدثون نوح بن أبي مريم أو ميسرة بن عبد ربه، وقد قسمه الزمخشري في آخر كل سورة، دع عنك القصص الإسرائيلية التي ليس لها أصل من الصحة، فلقد ملئت بها التفاسير. قيض الله من يبين غثها وسمينها وصحيحها من سقيمها، وأعظم من ذاك وذاك من يصحح الحديث الضعيف , أو الموضوع الموافق لمذهبه، ويضعف الحديث الصحيح المخالف لهواه.

ورحم الله العالم الرباني محمد بن علي الشوكاني إذ يقول منتقداً على الزمخشري حيث ضعف حديث: قال لي جبريل: ما كان على الأرض شيء أبغض إلى من فرعون، فلما آمن جعلت أحشو فاه وأنا أغطه، خشية أن تدركه الرحمة) رواه الترمذي وقال حديث: حسن صحيح. فقال الشوكاني رحمه الله: والعجب كل العجب ممن لا أعلم له بفن الرواية من المفسرين، ولا يكاد يميز بين أصح الصحيح من الحديث وأكذب الكذب منه. كيف يتجرأ على الكلام في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحكم ببطلان ما صح منها:؟ ويرسل لسانه وقلمه بالجهل البحت , والقصور الفاضح الذي يضحك منه كل من له أدنى ممارسة لفن الحديث؟

فيا مسكين مالك ولهذا الشأن الذي لست منه في شيء؟ ألا تستر نفسك وتربع على ضلعك؟ وتعرف بأنك بهذا العلم من أجهل الجاهلين؟ وتشتغل بما هو عملك الذي لا تجاوزه، وحاصلك الذي ليس لك غيره، وهو علم اللغة وتوابعه من العلوم الآلية.

ولقد صار صاحب الكشاف رحمه الله بسبب ما يتعرض له في تفسيره من علم الحديث الذي ليس هو منه في ورد, ولا صدر سخرة للساخرين، وعبرة للمعتبرين. فتارة يروي في كتابه الموضوعات وهو لا يدري أنها موضوعات، وتارة يتعرض لرد ما صح ويجزم بأنه من الكذب على رسول الله والبهت عليه، وقد يكون في الصحيحين وغيرهما مما يلتحق بهما من رواية جماعة من الصحابة بأسانيد كلها أئمة أثبات حجج. وأدنى نصيب من عقل يحجر صاحبه عن التكلم في علم لا يعلمه ولا يدري به أقل دراية، وإن كان ذلك من علم الاصطلاح التي يتواطأ عليها طائفة من الناس ويصطلحون على أمور فيما بينهم، فما بالك بعلم السنة الذي هو قسيم كتاب الله وقائله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراويه عنه خير القرون، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، وكل حرف من حروفه وكلمة من كلماته يثبت بها شرع عام لجميع أهل الإسلام أ. هـ. فتح القدير سورة يونس.

وذكر نحو هذا في تفسير سورة هود عند قوله تعالى: (خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك) هود:107 في الكلام عليها بالتفسير بالرواية.

ويقول ابن الجوزي رحمه الله منتقداً على بعض المفسرين: ولقد فرق هذا الحديث يعني الحديث الذي جاء في فضائل القرآن سورة سورة أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره , فذكر عند كل سورة ما يخصها، وتبعه أبو الحسن الواحدي في ذلك، ولا أعجب منهما، لأنهما ليسا من أصحاب الحديث. وإنما عجبت من أبي بكر بن أبي داود فرقه على كتابه الذي صنفه في فضائل القرآن وهو يعلم أنه حديث محال؟ ولكن شره جمهور المحدثين، فإن من عادتهم تنفيق حديثهم ولو بالبواطل، وهذا قبيح منهم، لأنه قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من حدث عني

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015