وقال الحافظ المنذري: أم عبد الحميد لا أعرفها، وقال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمها، وكأنها صحابية، وفي " التخريج " له: أم عبد الحميد لم أعرف اسمها ولا حالها، لكن يغلب على الظن أنها صحابية، فإن بنات النبي صلى الله عليه وسلم متن في حياته، إلا فاطمة، فعاشت بعده ستة أشهر أو أقل، وقد وصفت بأنها كانت تخدم التي روت عنها، لكنها لم تسمها، فإن كانت غير فاطمة، قوي الاحتمال، وإلا احتمل أنها جاءت بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، والعلم عند الله.
الحكم على الحديث: ضعيف، لكن بمجموع شواهده يعمل به عند الجمهور الذين يقولون: يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال بشروط هي:
1 - أن يكون الضعف غير شديد، فيخرج من انفرد من الكذابين، والمتهمين بالكذب، ومن فحش غلطه.
2 - أن يكون له أصل يندرج تحته
3 - أن يكون العمل به في المواعظ والقصص والترغيب والترهيب، ولا يعمل به في الأحكام أو التزحيد أو العقيدة.
4 - ألا يعتقد عند العمل به ثبوته، بل يعتقد الاحتياط.
لذلك و الله أعلم ذكره الامام ابن القيم قي كتابه الكلم الطيب.
هذا وفي العمل بالحديث الضعيف مذاهب أخري، قيل لا يجوز العمل به مطلقا، قاله أبو بكر العربي، وقيل: يعمل به مطلقا، نسب ذلك إلى أحمد وأبي داود، وأنهما يريان أن الحديث الضعيف أقوى من رأى الرجال، والحق أن الإمام أحمد وأبا داود لا يقبلان كل ضعيف، بل يقبلان منه ما كان ضعفه قريبا محتملا، وقارب من الحسن.
وقال الزركشي: الضعيف مردود ما لم يقتض ترغيباً أو ترهيبا أو تتعدد طرقه ولم يكن المتابع منحطاً عنه، وقيل لا يقبل مطلقا، وقيل: يقبل إن شهد له أصل واندرج تحت عموم. انتهى.
فائدة:
قال العلماء: الحريق من الآفات العظام التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ منها، ويسأل الله تعالى أن يقيه منه ومن غيره من المصائب.
عن أبي اليسر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الَّلهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي وَالهَدمِ وَالغَرَقِ وَالحَرِيقِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَن يَتَخَبَّطَنِي الشَّيطَانُ عِندَ المَوتِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَن أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدبِرًا، وَأَعُوذُ بِكَ أَن أَمُوتَ لَدِيغًا) رواه النسائي (5531) والحاكم في المستدرك (1/ 713) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الحافظ ابن حجر في "بذل الماعون" (199): ثابت، وصححه الألباني في صحيح النسائي.
ولا يعرف في السنة دعاء صحيحا خاصا يقوله المسلم فيحفظه الله تعالى من الحريق، إنما يدعو أن يحفظه الله تعالى من الأذى والمكروه، ويسأل الله تعالى العافية والستر، ويتعوذ مما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ منه، كما في الحديث السابق، والله سبحانه وتعالى خيرٌ حافظا وهو أرحم الراحمين.
إذا قدر الله وقوع الحريق، فإن بعض أهل العلم يستحب التكبير عنده أثناء إطفائه، ويقولون إن التكبير عند الحريق ينفع في إطفائه ومنع ضرره وأذاه. ويُروَى حديث في ذلك عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(إِذَا رأيْتُمُ الحَرِيقَ فَكَبِّرُوا فَإِنَّ التَّكْبِيرَ يُطْفئُهُ) أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (295)، والطبراني في "الدعاء" (1/ 307)، ولكنه حديث ضعيف، انظر "السلسلة الضعيفة" للألباني (2603)
يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى في "الفتاوى الكبرى" (5/ 188):" ولهذا كان شعار الصلوات والأذان والأعياد هو: التكبير، وكان مستحبا في الأمكنة العالية كالصفا والمروة وإذا علا الإنسان شرفا أو ركب دابة ونحو ذلك، وبه يطفأ الحريق وإن عظم، وعند الأذان يهرب الشيطان " انتهى.
ويقول ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (4/ 194):" لما كان الحريق سببه النار، وهي مادة الشيطان التي خلق منها، وكان فيه من الفساد العام ما يناسب الشيطان بمادته وفعله، كان للشيطان إعانة عليه وتنفيذ له، وكانت النار تطلب بطبعها العلو والفساد، وهذان الأمران - وهما العلو في الأرض والفساد - هما هدي الشيطان، وإليهما يدعو، وبهما يُهلِك بني آدم، فالنار والشيطان كل منهما يريد العلو في الأرض والفساد، وكبرياء الرب عز وجل تقمع الشيطان وفعله، ولهذا كان تكبير الله عز وجل له أثر في إطفاء الحريق؛ فإن كبرياء الله عز وجل لا يقوم لها شئ، فإذا كبر المسلم ربه أثَّر تكبيره في خمود النار وخمود الشيطان التي هي مادته، فيطفئ الحريق، وقد جربنا نحن وغيرنا هذا فوجدناه كذلك، والله أعلم " انتهى.والله أعلم.
ـ[فلاح حسن البغدادي]ــــــــ[03 - 02 - 10, 09:20 م]ـ
جزاكم الله خير الجزاء وحشركم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين