وقد مضى مثالان من كلامه في هذا الصدد!
وهناك المزيد غيرهما في السلسلتين (الصحيحة / والضعيفة)! وليس لي حاجة في حَشْدِ تلك الأوهام في هذا المقام!
نعم: رأيتُ الإمام ربما انتبه لهذا الأمر أخيرًا في مواطن معدودة من (السلسلة الضعيفة).
فكان يقول: (أخرجه الرافعي في "تاريخه" (2/ 47) معلقاً .... ) هكذا كان يتيقظ في عزْوه، ويتبصَّره في أمره. روَّح الله روحه، وأضاء قبره وضريحه.
6 - وكذا وجدتُ تلك الغفلة في مواضع من تخاريج محدِّث الديار المصرية في هذا الزمان: الشيخ الفاضل النبيل أبي إسحاق الحويني - شفاه الله وعافاه.
فمن ذلك: قوله في تخريج حديث ابن عباس مرفوعاً: (من ترك الصف الأول مخافة أن يؤذي أحدا، أضعف الله له أجر الصف الأول) من كتابه (تنبيه الهاجد) [1/رقم/270]: (أخرجه ابن عدى فى " الكامل (7/ 2507)، وابن حبان فى المجروحين (3/ 48 - 49)، و الرافعى فى أخبار قزوين (2/ 20) .... )!
وليس هذا منه بجيد! لأن الحديث عند الرافعي معلَّقًا غير موصول!
فقد أورده أبو القاسم القزويني في ترجمة (محمد بن محمود الشيباني الفقيه) من تاريخه فقال: (سمع - يعني الشيباني - الأستاذَ الشافعيَّ ابنَ أبي سليمان المقرىء بقزوين سنة سبع وخمسمائة، ومما سمع: ما رواه الأستاذ عن أبي بدر محمد بن علي النهاوندي .... ) ثم ساق إسناد الأستاذ المقرئ إلى ابن عباس به ...
فالجادة أن يقال: أخرجه محمد بن محمود الشيباني الفقيه (فيما سمعه من الأستاذ ابن أبي سليمان المقرئ) كما في (تاريخ قزوين).
أو يقال: أخرجه الرافعي في (تاريخه) معلقًا - من طريق محمد بن محمود الشيباني الفقيه به ....
أو يُقال غير ذلك مما استدركناه في كتابنا (إيقاظ العابد بما وقع من الوَهَم في تنبيه الهاجد).
ومن ذلك: قول المحدث الحويني أيضًا في تخريجه لحديث سعد بن أبي وقاص مرفوعًا: (ليس منا من لم يَتَغَنَّ بالقرآن) من تعليقه على (فضائل القرآن الكريم / لابن كثير / طبعة مكتبة ابن تيمية) [ص/187 - 188]: (فأما رواية الليث فأخرجها: أبو داود ......... والرافعي في أخبار قزوين [2/ 268] .... )!!
كذا جزم وقال! وليس الأمر بالذي قال! ورواية الليث إنما أخرجها الرافعي في (تاريخه) معلقة غير موصولة!
فإنه أورد الحديث في ترجمة (أحمد بن الهيثم بن حماد أبي الحسين اليماني) فقال: (قال الخليل الحافظ: وحدثنا عنه - يعني أحمد بن الهيثم - ابنُ صالح ومحمد بن إسحاق ومحمد بن سليمان، ويقال: إنه كان من الأبدال، ومما رواه: ثنا محمد بن إسحاق الصاغاني أنبأ هاشم بن القاسم ثنا الليث بن سعد .... ) وساق إسناد الليث إلى سعد بن أبي وقاص به ...
فالصواب أن يُقال: أخرجه أحمد بن الهيثم اليماني (فيما سمعه من محمد بن إسحاق الصاغاني) كما في (تاريخ قزوين).
أو يُقال: أخرجه الرافعي في (تاريخه) -مُعلَّقًا - من طريق أحمد بن الهيثم اليماني بإسناده به ...
ـ[أبو المظفر السِّنَّاري]ــــــــ[31 - 01 - 10, 06:07 ص]ـ
7 - وقد وقعت تلك الغفلة في تخاريج جماعات كثيرة من أصحابنا وأقراننا ومشايخ أهل الحديث في هذا الزمان، بحيث لو أردتُ استيعاب ذلك لهم لَفَنِيَ من كثرته القِرطاس، وذهبتْ في تسطير حروفه الأنفاس!
ولقد أعْملتُ فِكْري ونظرتُ: فإذا الغفلة قد أدركتْ هؤلاء من جرَّاء عدة أمور؟! منها:
1 - أن (تاريخ قزوين) مكتظٌّ بـ (حدثنا) و (أخبرنا) و (أنبأنا)، مع إيراد الرافعي لكثير من الأحاديث والآثار بأسانيده المحضة، لا سيما في أوائل
(التاريخ). فكأنَّ ذلك كان داعيًا لاعتقاد كون الرافعي هو المتفرد بإخراج أخبار (تاريخه) بأسانيده دون سواه!
2 - ومنها: أن عبارة الرافعي في تعليقه للحديث لم تكن بالواضحة في مواطن كثيرة! فربما استشكلها بعضهم ولم يفطن لها!
3 - ومنها: اعتماد المتأخر على تصرُّف المتقدم في العزو دون التبصر في معاينة الأصول المَعْزُوِّ إليها! وهذه آفة من الآفات! وغفلة داحضة من جملة الغفلات!
¥