أَقُولُ: عبدُ اللَّهِ بنُ السِّمْطِ تَرْجَمَ لَهُ الإِمَامُ الذَّهَبِيُّ في " ميزانِ الاعتدالِ " (2/ 436) _ وتَبِعَهُ الحافظُ ابنُ حَجَرٍ في " اللِّسَانِ " (3/ 297 _ ترجمة:1239) _، وذَكَرَ أَنَّهُ رَوَى عنْ صَالِحِ بنِ عليٍّ حَدِيثاً مَوْضُوعاً _ يَقْصِدُ هَذَا الحَدِيثَ _، أَمَّا صَالِحُ بنُ عليٍّ فَتَرْجَمَهُ غيرُ وَاحِدٍ؛ مِنْهُمُ: ابنُ عَسَاكِرَ في " تاريخِ دمشقَ " (23/ 357 _ ترجمة:2822)، والذَّهبيُّ في " تاريخِ الإسلامِ " (6/ 202)، و " السِّيرِ " (7/ 18)، وغيرُهُمْ، وَذَكَرَ الإِمَامُ الذَّهبيُّ أَنَّهُ أَحَدُ الأَبْطَالِ المَذْكُورِينَ، وَهُوَ الَّذِي افْتَتَحَ مِصْرَ، وانْتُدِبَ لِحَرْبِ مروانَ الحِمَارِ، وَوَلِيَ نِيَابةَ دِمِشْقَ، فَهُوَ _ إِذَنْ _ معروفٌ مشهورٌ، غيرَ أنَّهُ لاَ يُدْرَى حَالُهُ في الحَدِيثِ، فَهُوَ مجهولُ الحَالِ.
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كثيرٍ في " البِدَايةِ والنِّهَايةِ " (10/ 113) _ عَقِبَ إِيرَادِهِ للحَدِيثِ _: " وَهَذَا مُنْكَرٌ جِدّاً، ... ، وعبدُ اللَّهِ بنُ السِّمْطِ _ هَذَا _ لاَ أَعْرِفُهُ "، وقَالَ الحَافِظُ السُّيوطِيُّ في " اللآلىءِ المصنوعةِ " (2/ 178): " قَالَ شَيْخُ شُيُوخِنَا الحَافِظُ أبو الحسنِ الهيتميُّ في " ترتيبِ الفوائدِ ": هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ ".
وَتَابَعَ صَالِحَ بنَ عليٍّ عَلَيْهِ: أَخُوهُ محمَّدُ بنُ عليٍّ _ وَهُوَ ثقةٌ _، غيرَ أنَّ في الإِسنادِ إليهِ رَجُلاً مجهولاً، أَخْرَجَهُ كُلٌّ مِنَ ابنِ حِبَّانَ في " المجروحِينَ " (1/ 249)، وابنِ الجوزيِّ في " الموضُوعَاتِ " (2/ 279) مُعلَّقاً عَنِ الحكمِ بنِ مصعبٍ، عَنْ محمَّدِ بنِ عليٍّ، عنْ أبيهِ، عنْ جَدِّهِ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ [كَذَا جَاءَ، وأُرَى أنَّهُ تحريفٌ، والصَّوابُ حَذْفُ: (عن)]؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ _: " لَوْ يُرَبِّي أَحَدُكُمْ بَعْدَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ جَرْواً؛ خيرٌ لهُ مِنْ أَنْ يُرَبِّيَ وَلَداً لِصُلْبِهِ ".
أقولُ: هَذِهِ مُتَابَعَةٌ لاَ يُفْرَحُ بِهَا؛ لأَمرينِ:
الأوَّلُ: أنَّهَا جَاءَتْ مُعلَّقةً، والمُعلَّقُ منْ أَصْنَافِ الضَّعِيفِ _ كَمَا هُوَ معلومٌ عندَ أَهْلِ الفَنِّ _.
الثَّاني: مَدَارُهَا عَلَى الحكمِ بنِ مصعبٍ، وَقَدْ قَالَ عنهُ أَبُو حَاتِمٍ: " هُوَ شَيْخٌ للوليدِ بنِ مسلمٍ، لاَ أَعْلَمُ رَوَى عَنْهُ غيرُهُ "، لِذَا قَالَ عنهُ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ في " التَّقريبِ ": " مجهولٌ "، والعَجِيبُ أنَّ الحافظَ ابنَ حِبَّانَ ذَكَرَهُ في " الثِّقاتِ "؛ وقَالَ: " يُخْطِىءُ "، ثُمَّ ذَهَلَ عَنْ ذَلِكَ فَذَكَرَهُ في " المجروحينَ "؛ وَقَالَ: " يَنْفَرِدُ بِالأَشْيَاءِ الَّتي لاَ يُنْكِرُ نَفْيَ صِحَّتِهَا مَنْ عَنِيَ بِهَذَا الشَّأْنِ، لاَ يحلُّ الاحْتِجَاجُ بِهِ، وَلاَ الرِّوَايَةُ عَنْهُ إِلاَّ عَلَى سَبِيلِ الاعْتِبَارِ "، وَأَوْرَدَ لَهُ هَذَا الحَدِيثَ، وَحَكَمَ عليهِ بِأَنَّهُ لاَ أَصْلَ لَهُ!!، أَمَّا ابنُ الجوزيِّ فَحَكَمَ عليهِ بِالوَضْعِ.
ثالثاً: حَدِيثُ أبي ذَرٍّ _ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ _.
أَخْرَجَهُ الطَّبرانيُّ في " المعجمِ الأوسطِ " (5/ 126 _ رقم:4860)، والحَاكِمُ في " المستدركِ " (3/ 386 _ رقم:5465) _ واللَّفظُ لَهُ _ مِنْ طَرِيقِ عبدِ الوارثِ بنِ إبراهيمَ العسكريِّ، حدَّثنا سيفُ بنُ مسكينٍ الأسواريُّ، حدَّثنا المباركُ بنُ فضالةَ، عنِ المنتصرِ بنِ عُمارَةَ بنِ أبي ذَرٍّ الغفاريِّ، عنْ أبيهِ، عنْ جَدِّهِ، عنْ رَسُولِ اللَّهِ _ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ _؛ قَالَ: " إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمانُ كَثُرَ لُبْسُ الطَّيَالِسَةِ، وَكَثُرَتِ التِّجَارَةُ، وَكَثُرَ المَالُ، وَعَظُمَ رَبُّ المَالِ بِمَالِهِ، وَكَثُرَتِ الفَاحِشَةُ، وَكَانَتْ إِمَارَةُ الصِّبْيَانِ، وَكَثُرَ النِّسَاءُ، وَجَارَ السُّلْطَانُ، وَطُفِّفَ في المِكْيَالِ وَالمِيزَانِ، وَيُرَبِّي الرَّجُلُ جَرْوَ كَلْبٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يُرَبِّيَ وَلَداً لَهُ، وَلاَ يُوَقَّرُ كَبِيرٌ، ولاَ يُرْحَمُ صَغِيرٌ، وَيَكْثُرُ أَوْلاَدُ الزِّنَا،
¥