المُسْتَخَرجَات: المُسْتَخرج كل كتاب خَرَّج فيه مؤلفه أحاديث كتاب لغيره من المؤلفين بأسانيد لنفسه من غير طريق المؤلف الأول، وربما اجتمع معه في شيخه أو من فوقه مثل " المستخرج على الصحيحين " لأبي نُعَيْم الأصبهاني.
المبْحَثُ الرَابع
صفة رواية الحديث
1 - المراد بهذه التسمية:
المراد بهذا العنوان بيان الكيفية التي يًرْوَي بها الحديث والآداب التي ينبغي التحلي بها وما يتعلق بذلك،وقد تقدم شيء من ذلك في المباحث السابقة، وإليك ما بقي:
هل تجوز رواية الراوي من كتابه إذا لم يحفظ ما فيه؟
هذا أمر اختلف فيه العلماء، فمنهم من شدد فأفرط، ومنه من تساهل ففرَّط ومنهم من اعتدل فتوسط.
فأما المتشددون: فقالوا: " لا حجة إلا فيما رواه الراوي من حفظه " روى ذلك عن مالك وأبي حنيفة وأبي بكر الصيدلاني الشافعي.
وأما المتساهلون: فقوم رووا من نُسَخ غير مقابلة بأصولها، منهم ابن لَهيعة.
وأما المعتدلون المتوسطون: (وهم الجمهور) فقالوا: إذا قام الراوي في التحمل والمقابلة بما تقدم من الشروط جازت الرواية من الكتاب، وان غاب عنه الكتاب، إذا كان الغالب على الظن سلامته من التغيير والتبديل لاسيما إن كان ممن لا يخفي عليه التغيير غالباً.
3 - حكم رواية الضرير الذي لا يحفظ ما سمعه:
إذا استعان الضرير الذي لا يحفظ ما سمعه بثقة في كتابه الحديث الذي سمعه وضبطه والمحافظة على الكتاب، واحتاط عند القراءة عليه بحيث يغلب على ظنه سلامته من التغيير، صحت روايته عند الأكثر، ويكون كالبصير الأمِّي الذي لا يحفظ.
4 - رواية الحديث بالمعنى وشروطها:
اختلف السلف في رواية الحديث بالمعني، فمنهم من منعها ومنهم من جوزها.
فمنعها طائفة من أصحاب الحديث والفقه والأصول، منهم ابن سيرين وأبو بكر الرازي.
وأجازها جمهور السلف والخلف من المحدثين وأصحاب الفقه والأصول، منهم الأئمة الأربعة لكن إذا قطع الراوي بأداء المعني.
ثم إن مَن أجاز الراوية بالمعنى اشترط لها شروطا وهي:
أن يكون الراوي عالماً بالألفاظ ومقاصدها.
أن يكون خبيراً بما يُحيل معانيها.
هذا كله في غير المصنَّفات، أما الكتب المصنَّفة فلا يجوز رواية شيء منها بالمعني، وتغيير الألفاظ التي فيها , وإن كان بمعناها لأن جواز الرواية بالمعنى كان للضرورة إذا غابت عن الراوي كلمة من الكلمات، أما بعد تثبيت الأحاديث في الكتب فليس هناك ضرورة لرواية ما فيها بالمعني.
هذا وينبغي للراوي بالمعنى أن يقول بعد روايته الحديث " أو كما قال " أو " أو نحوه " أو " أو شبهه ".
5 - اللحن في الحديث وسببه:
اللحن في الحديث، أي الخطأ في قراءته، وأبرز أسباب اللحن:
أ) عدم تعلم النحو واللغة: فعلى طالب الحديث أن يتعلم من النحو واللغة ما يسلم به من اللحن والتصحيف، فقد روي الخطيب عن حماد بن سلمه قال " مَثَلُ الذي يطلب الحديث ولا يعرف النحو مثل الحِمَار عليه مِخّلاة لا شعير فيها "
ب) الأخذ من الكتب والصحف، وعدم التلقي عن الشيوخ: مر بنا أن لتلقي الحديث وتحمله عن الشيوخ طرقاً بعضها أقوي من بعض، وأن أقوي تلك الطرق السماع من لفظ الشيخ أو القراءة عليه، فعلى المشتغل بالحديث أن يتلقي حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم، من أفواه أهل المعرفة والتحقيق حتى يسلم من التصحيف والخطأ،ولا يليق بطالب الحديث أن يعمد إلى الكتب والصحف فيأخذ منها ويروي عنها ويجعلهَا شيوخَهُ، فانه تكثر أخطاؤه وتصحيفاته، لذا قال العلماء قديماً: " لا تأخذ القرآن من مُصْحَفِيّ ولا الحديث من صَحَفِيّ "
غريب الحديث
1 - تعريفه:
أ) لغة: الغريب في اللغة، هو البعيد عن أقاربه، والمراد به هنا الألفاظ التي خفي معناها، قال صاحب القاموس: " غَرُبَ كَكَرُمَ، غَمُضَ وخَفِىَ "
ب) اصطلاحاً: هو ما وقع في متن الحديث من لفظة غامضة بعيدة من الفهم لقلة استعمالها.
2 - أهميته وصعوبته:
وهو فن مهم جداً، يَقْبُحُ جهلهُ بأهل الحديث، لكن الخوض فيه صعب، فليتحَرَّ خائضه، وليتق الله أن يُقْدِمَ على تفسير كلام نبيه صلي الله عليه وسلم بمجرد الظنون، وكان السلف يتثبتون فيه أشد التثبت.
3 - أجود تفسيره:
¥