والصحيح الذي عليه العمل، وقاله الجماهير من أصحاب الحديث والفقه والأصول أنه متصل بشروط، اتفقوا على شرطين منها، واختلفوا في اشتراط ما عداهما، أما الشرطان اللذان اتفقوا على أنه لا بد منهما ـ ومذهب مسلم الاكتفاء بهما ـ فهما:
أن لا يكون المُعَنْعِنُ مُدَلِّساً.
أن يمكن لقاء بعضهم بعضا، أي لقاء المُعَنْعِن بمن عَنْعَنَ عنه.
وأما الشروط التي اختلفوا في اشتراطها زيادة على الشرطين السابقين فهي:
ثبوت اللقاء: وهو قول البخاري وابن المديني والمحققين.
طول الصحبة: وهو قول أبي المظفر السمعاني.
معرفته بالرواية عنه: وهو قول أبي عمرو الداني.
5 - تعريف المٌؤنَّن:
أ) لغة: اسم مفعول من " أَنَّن " بمعني قال " أن، أن ".
ب) اصطلاحاً: هو قول الراوي: حدثنا فلان أن فلاناً قال ...
6 - حكم المٌؤَنَّن:
أ) قال احمد وجماعة هو منقطع حتى يتبين اتصاله.
ب) وقال الجمهور: " أَنَّ " كـ " عَنْ " ومطلقه محمول على السماع بالشروط المتقدمة.
المبحثٌ الثالثِ
المردود بسبب طعن في الراوي
1 - المردود بالطعن في الراوي:
المراد بالطعن في الراوي جرحه باللسان، والتكلم فيه من ناحية عدالته ودينه ومن ناحية ضبطه وحفظه وتيقظه.
2 - أسباب الطعن في الراوي:
أسباب الطعن في الراوي عشرة أشياء، خمسة منها تتعلق بالعدالة، وخمسة منها تتعلق بالضبط.
1) أما التي تتعلق بالطعن في العدالة فهي:
الكذب.
التهمة بالكذب.
الفسق.
البدعة.
الجهالة.
ب) أما التي تتعلق بالطعن في الضبط فهي:
1 - فٌحْشٌ الغلط.
2 - سوء الحفظ.
3 - الغفلة.
4 - كثرة الأوهام.
5 - مخالفة الثقات.
وسأذكر أنواع الحديث المردود بسبب من هذه الأسباب على التوالي مبتدئاً بالسبب الأشد طعناً.
المَوضٌوع
إذا كان سبب الطعن في الراوي هو الكذب على رسول الله صلي الله عليه وسلم فحديثه يسمي الموضوع.
1 - تعريفه:
أ) لغة: هو اسم مفعول من " وَضَعَ الشيء " أي " حَطَّهُ " سُمي بذلك لانحطاط رتبته.
ب) اصطلاحاً: هو الكذب المٌخْتَلَق المصنوع المنسوب إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم.
2 - رتبته:
هو شر الأحاديث الضعيفة وأقبحها. وبعض العلماء يعتبره قسماً مستقلا وليس نوعاً من أنواع الأحاديث الضعيفة.
3 - حكم روايته:
أجمع العلماء على أنه لا تحل روايته لأحد عَلِمَ حالَهٌ في أي معنى كان إلا مع بيان وضعه، لحديث مسلم: " مَنْ حَدَّثَ عني بحديث يُرَى أنه كَذِبُ فهو أحد الكاذبين "
4 - طرق الوضاعين في صياغة الحديث:
أ) إما أن يُنْشئ الوضاع الكلام من عنده، ثم يضع له إسنادا ويرويه.
ب) وإما أن يأخذ كلاماً لبعض الحكماء أو غيرهم ويضع له إسنادا.
5 - كيف يُعْرَفُ الحديث الموضوع؟
يعرف بأمور منها:
1) إقرار الواضع بالوضع: كإقرار أبي عِصْمَة نوحِ بن أبي مريم بأنه وضع حديث فضائل سور القرآن سورة سورة عن ابن عباس.
2) أو ما يَتَنَزَّلُ منزلة إقراره: كأَنْ يُحَدِّثَ عن شيخ،3) فَيُسْألَ عن مولده،4) فيذكرَ تاريخا تكون وفاةُ ذلك الشيخ قبلَ مولده هو،5) ولا يُعْرَف ذلك الحديث إلا عنده.
6) أو قرينة في الراوي: مثل أن يكون الراوي رافضياً والحديث في فضائل أهل البيت.
7) أو قرينة في المَرْوِي: مثل كون الحديث ركيك اللفظ،8) أو مخالفاً للحس أو صريح القرآن.
6 - دواعي الوضع وأصناف الوضاعين:
التقرب إلى الله تعالى: بوضع أحاديث ترغب الناس في الخيرات، وأحاديث تخوفهم من فعل المنكرات، وهؤلاء الوضاعون قوم ينتسبون إلى الزهد والصلاح، وهم شر الوضاعين لأن الناس قَبِلَتْ موضوعاتهم ثقة بهم، ومن هؤلاء مَيْسَرَةٌ بن عبد ربه، فقد روي ابن حبان في الضعفاء عن ابن مهدي قال: قلت لميسرة بن عبد ربه: من أين جئت بهذه الأحاديث، من قرأ كذا فله كذا؟ قال: وضعتُها أُرَغِّب الناسَ "
الانتصار للمذهب: لا سيما مذاهب الفرق السياسية بعد ظهور الفتنة وظهور الفرق السياسية كالخوارج والشيعة، فقد وضعت كل فرقة من الأحاديث ما يؤيد مذهبها، كحديث " علىُّ خير البشر، من شكَّ فيه كفر "
¥