ـ[أبو المسور المصري]ــــــــ[09 - 06 - 04, 02:18 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد، فهذه فوائد حول سنن أبي داود رحمه الله، أكثرها مأخوذمن محاضرات الشيخ الدكتور عادل عبد الغفور حفظه الله في شرح الباعث الحثيث، والشيخ طارق بن عوض الله في شرح ألفية السيوطي رحمه الله، والشيخ عبد الله السعد حفظه الله في شرحه للموقظة، داعيا الله أن ينفع إخواني وينفعني بها، وأدعوه أن تكون بداية لسلسلة موجزة حول مناهج أئمة الحديث، إن شاء الله، وقد اجتمع لي ولله الحمد، قدر لا بأس به من مادتها العلمية، وأخيرا أدعو الله لأخي محمد رشيد حفظه الله، على ارشاده لي ولإخواني لدرس الشيخ طارق بن عوض الله، فجزاه الله عنا خيرا، والسلام عليكم ورحمة الله.
بداية لابد من التنبيه على طريقة أصحاب السنن التي اتبعوها في تصانيفهم (كما يظهر من صنيع أصحاب السنن الأربعة وسعيد بن منصور وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وأبي الحسن علي بن عمر الدارقطني وأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي)، وهي الإقتصار على أحاديث الأحكام المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، (فهي مرتبة على الأبواب الفقهية)، وهذا يشبه كثيرا من حيث المضمون تعريف الكتاني حيث قال: السنن هي الكتب التي ألفت لتضم كثيرا من أبواب الدين، وليس فيها شيء من الموقوف أو المقطوع إلا نادرا، لأن المقطوع والموقوف لا يسمى سنة في اصطلاحهم، وقد تعقب الشيخ الحميد حفظه الله، الكتاني في تعريفه هذا من وجهين:
¨ الوجه الأول: من ناحية الشمول، حيث أننا نجد بعض كتب السنن تشابه الجوامع مي حيث شموليتها لجميع أبواب الدين، دون الإقتصار على أبواب الأحكام فقط، ومن أبرز الأمثلة على ذلك سنن سعيد بن منصور حيث أنه يحوي كتابا للتفسير، فسر فيه القرآن كاملا بالمأثور، وكتابا للزهد وهما ليسا من كتب الأحكام.
¨ الوجه الثاني: أننا نجد من السنن ما يكثر فيه المقطوع والموقوف، ومن الأمثلة على ذلك، ما ألفه المتقدمون كابن جريج وهشيم والأوزاعي وابن المبارك تحت مسمى السنن، ورغم ذلك ورد فيها الموقوف والمقطوع، ورغم عدم وصول هذه المصنفات إلينا، إلا أن نموذجا منها قد وصل إلينا، وهو سنن سعيد بن منصور، وقد احتوت على الموقوف والمقطوع، وهو في مادته العلمية يساوي مصنف أبي شيبة، ورغم ذلك سمي الأول بالسنن والثاني بالمصنف، وكذا ورد في سنن البيهقي موقوفات ومقطوعات رغم أن البيهقي ركز في الغالب على أحاديث الأحكام، وكذا الدارمي حيث أن كتابه شبيه بالجوامع من حيث الشمولية وقد ورد فيه الموقوف والمقطوع ومع ذلك أطلق عليه السنن، وهذا يدل على أن هذه التسميات كانت من قبيل التفنن في التسمية، ولم يكن المقصود منها المعاني الإصطلاحية لهذه المسميات، التي استقرت فيما بعد، وقد وجه الشيخ حفظه الله كلام الكتاني بأنه يصح لو أطلق على السنن الثلاثة (أبوداود وابن ماجة والنسائي)، خلاف الترمذي لأن كتابه جامع، كما هو واضح من عنوانه.
والسنن تأتي في المرتبة الثانية بعد الصحيحين من حيث صحة أحاديثها، فالغالب عليها الصحة، وإن كان فيها الضعيف والمنكر والموضوع، وقد زعم الحافظ السلفي أن علماء المشرق والمغرب اتفقوا على صحة الأصول الخمسة (فساوى بين الصحيحين من جهة وبين سنن أبي داود والترمذي والنسائي من جهة أخرى)، ولا شك أن في هذا الكلام نظر لأن في السنن أحاديث ضعيفة ومنكرة بل وموضوعة، فكيف يساوى بينها وبين الصحيحين؟، وأجاب العراقي: بأن السلفي إنما قال بصحة أصولها، كما ذكره في مقدمة الخطابي إذ قال: وكتاب أبي داود هو أحد الكتب الخمسة التي اعتمد أهل الحل والعقد من الفقهاء وحفاظ الحديث على قبولها والحكم بصحة أصولها، يقول العراقي معلقا على هذا: ولا يلزم من كون الشيء له أصل صحيح أن يكون هو صحيحا في واقع الأمر (الباعث الحثيث ص47 بتصرف).
المقارنة بين السنن والمسانيد من حيث درجة الصحة:
¥