ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: لما حُضر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي البيت رجال فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هلموا أكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده»، فقال بعضهم: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد غلبه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله، فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده، ومنهم من يقول غير ذلك، فلما أكثروا اللغو والاختلاف قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قوموا. قال عبد الله: فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين أن يكتب الكتاب لاختلافهم ولغطهم (?)، وفي رواية أخرى عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: يوم الخميس وما يوم الخميس، اشتد برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعه، فقال: ائتوني أكتب لكم كتابًا لن تضلوا بعده أبدًا، فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبي نزاع، فقالوا: ما شأنه؟ أهجر، استفهموه، فذهبوا يرددون عليه فقال: دعوني، فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه، وأوصاهم بثلاث، قال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفود بنحو ما كنت أجيزهم، وسكت عن الثالث، أو قال: فنسيها (?)، وليس فيما ثبت في هذا الحديث ورواياته الصحيحة أي مطعن على أصحاب رسول الله، وأما ما ذكره الروافض من مطاعن فباطلة معلومة الفساد، وقد أجاب العلماء قديمًا عن بعضها ومن هذه الردود:
(?) البخاري رقم 4432.
(?) البخاري رقم 4431.
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
- اختلاف الصحابة ثابت، وكان سببه اختلافهم في فهم قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومراده لا عصيانه، قال القرطبي صاحب المفهم: وسبب ذلك كله إنما حمل عليه الاجتهاد المسوغ، والقصد الصالح، وكل مجتهد مصيب، أو أحدهما مصيب، والآخر غير مأثوم بل مأجور كما قررناه في الأصول (?)، ثم ذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعنفهم ولا ذمهم بل قال للجميع: دعوني فالذي أنا فيه خير (?)، وهو نحو ما جرى لهم يوم الأحزاب حيث قال لهم الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «لا يصلين أحد العصر إلا في بنى قريظة» (?)، فتخوف ناس فوات الوقت،؟ فصلوا دون بنى قريظة، وقال آخرون: لا نصلي إلا حيث أمرنا رسول الله فما عنف أحد الفريقين (?).