ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ? قال: «في آخر الزمان لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثًا، والرؤيا ثلاث، الرؤيا الحسنة بشرى من الله، والرؤيا يحدث بها الرجل نفسه، والرؤيا تحزين من الشيطان

فإذا رأى أحدكم رؤيا يكرهها فلا يحدث بها أحدًا وليقم فليصل». قال أبو هريرة: يعجبني القيد وأكره الغُلّ، القيد ثبات في الدين، وقال النبي ?: «رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة» وقد رواه الإمام أحمد والترمذي والحاكم من طريق عبد الرزاق. وساق مسلم إسناده من طريق عبد الرزاق وذكر منه قول أبي هريرة: «يعجبني القيد وأكره الغُلّ والقيد ثبات في الدين»، وقال النبي ?: «رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة». وأما أول الحديث فقد اكتفى عن ذكره بما ذكره قبله من رواية عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه.

وقد رواه البخاري في «باب القيد في المنام» من طريق عوف -وهو الأعرابي- قال: حدثنا محمد بن سيرين أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله ?: «إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة وما كان من النبوة فإنه لا يكذب». قال محمد: وأنا أقول هذه. قال: وكان يقال الرؤيا ثلاث: حديث النفس وتخويف الشيطان وبشرى من الله؛ فمن رأى شيئًا يكرهه فلا يقصه على أحد وليقم فليصلَّ، قال: وكان يُكره الغُلّ في النوم، وكان يعجبهم القيد، ويقال القيد ثبات في الدين. وروى قتادة ويونس وهشام وأبو هلال عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي ? وأدرجه بعضهم كله في الحديث. وحديث عوف أبين. وقال يونس: لا أحسبه إلا عن النبي ? في القيد.

قلت: قد جاء ذكر الغُلّ والقيد مرفوعًا وموقوفًا في أحاديث صحيحة، فأما الرفع فإنه ظاهر من رواية هشام بن حسان عن ابن سيرين، وصريح في رواية قتادة عن ابن سيرين، وصريح أيضًا فيما رواه الدارمي عن محمد بن عبد الله الرقاشي عن يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ? أنه كان يقول: «أكره الغُلّ وأحب القيد، القيد ثبات في الدين» إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأما الوقف فإنه صريح في رواية أيوب عن ابن سيرين، وصريح أيضًا فيما رواه ابن أبي شيبة عن أبي أسامة عن هشام – وهو ابن حسان – عن محمد – وهو ابن

سيرين – عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أحب القيد في المنام وأكره الغُلّ، القيد ثبات في الدين» إسناده صحيح على شرط الشيخين. وعلى هذا فإنه يحتمل أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يحدث به تارة مرفوعًا وتارة يحدث به ولا يرفعه، وكذلك كان يفعل ابن سيرين يحدث به تارة مرفوعًا وتارة موقوفًا. وأما الرواة عن ابن سيرين فإن كلا منهم يحدث بما سمعه منه من الرفع أو الوقف، وبهذا يحصل الجمع بين الروايتين والله أعلم.

الحديث الرابع عشر: عن عوف بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله ? قال: «إن الرؤيا ثلاث، منها أهاويل من الشيطان ليحزن بها ابن آدم، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة» رواه ابن أبي شيبة وابن ماجه وابن حبان في "صحيحه" من حديث أبي عبيد الله مسلم بن مِشْكَم عن عوف بن مالك. وزاد ابن ماجه قال: قلت له: أنت سمعت هذا من رسول الله ?؟ قال: نعم، أنا سمعته من رسول الله ?، أنا سمعته من رسول الله ?. وقد ذكر ابن حبان هذه الزيادة إلا أنه لم يكرر قوله، أنا سمعته من رسول الله ?.

الحديث الخامس عشر: عن يحيى بن سعيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: سمعت أبا قتادة بن ربعي يقول: سمعت رسول الله ? يقول: «الرؤيا الصالحة من الله والحُلْم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم الشيء يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات إذا استيقظ وليتعوَّذ بالله من شرها فإنها لن تضره إن شاء الله». قال أبو سلمة: «إن كنت لأرى الرؤيا هي أثقل عليّ من الجبل فلما سمعت هذا الحديث فما كنت أباليها». رواه مالك والبخاري ومسلم وهذا لفظ مالك. ورواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه مختصرًا، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وزاد مسلم في رواية له: «وليتحول عن جنبه الذي كان عليه». وفي رواية ابن ماجه قال: «الرؤيا من الله

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015