ولهذا أيضا كانت قواعدهم (المتأخرة جدا) في علم الرجال غاية ما تكون من الاضطراب، لأن من ركب في البداية لم يفكر يوما أن وراءه من سيحاول أن يجد نسقاً لهذا الكم الهائل من التزوير والتركيب! فاضطر بعضهم أن يحدد قواعد مضحكة من عنده يكون الراوي بموجبها بين مجهول لم يُعرف أخرج من أرحام النساء، ثم بجرة قلم واستحسان واسترواح عقلي يرتفع إلى الثقة الذي يُحتج به في أصل العقيدة والدين، مهما تأخرت طبقته! وكتجاوز لهذه الإشكالات كانت طائفة (الأخبارية) الكبرى عندهم التي تؤمن بأي نص يرد في كتبهم، ولا تتكلف البحث في حاله!

وعلى كل حال، فعمل الأئمة والحفاظ هو إهمال هذه الكتب رأساً، فحتى ما رآه الحفاظ من كتبهم تركوه، ولم يعرجوا عليه البتة، فلن يتفرد كتاب من كتبهم بسند فيه مسكة خير، والعمدة على ما جاء في كتب السنة، وبأسانيدهم، فما ثبت عندهم فهو الثابت، وما لا فأجدر أن لا يُلتفت إليه عند غيرهم، فإن الإسناد هو خصيصة أهل السنة، وغيرهم ما (ضاهوهم) إلإ متأخرا وبالكذب والتزوير، مثل مسند الربيع للإباضية، ومسند زيد للزيدية، وأكوام كتب الرافضة، ومن جديد الجزء المفقود لمصنف عبد الرزاق عند غلاة الصوفية، والله أعلم.

أما كتاب الحسكاني تحديدا، فلما قرأته وجدته كغيره من كتب الرافضة، بادي التركيب (من وحهة نظري)، ولا سيما في طبقة شيوخه، وهناك أسانيد ومتون كثيرة وعجيبة لا يرويها من طرائق أهل السنة، نعم، توجد متابعات قاصرة، هي من جنس ما ذكرت من حصاد احتراف السرقة، ومن قرأ سيرة الرجل ييجد أنه (رُمي) بالتشيع بسبب تطريقه لحديث رد الشمس، وأما كتابه فهو رافضي خرافي أكبر من ذلك، يربأ حافظ أن يكون بهذه العقلية، ويجعل القرآن كله نزل في علي رضي الله عنه، ثم لا تجد نقلا واحدا من كتابه، ولا أحد يُسند من طريقه؟ إلى أن جاء المحمودي بنسخة من صديقه الطبطبائي غير المسمى؟

ولا ينفعه والحال هذه أن يجد نسخة ثانية أو ثالثة إن كانت النسخ متأخرة، ولا إن اختصره فلان من المتأخرين، لأنها كلها تحتمل الرجوع لأصل واحد مطبوخ من مائة أو مائتي سنة، أو حتى خمسمائة سنة!

ومهما بدا للوضاع من (حرفنة) ومضاهاة في التركيب، فلا بد أن تأتي عبارات وأسانيد تفضح عمله، فإن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يسري على مجموع الأمة بحمد الله تعالى.

ومن ذلك رواية الكتاب (2/ 271 - 272) من طريق أبي بكر المفيد، عن أبي الدنيا الأشج المعمر (الكذاب المعروف) عن علي.

جاء بعدها في الكتاب: (هذه نسخة صححتُها، وتكلمتُ بما فيها في كتاب الحاوي لأعلى المرقات في سند الروايات)!!

فبربكم هل يُمكن أن يُنسب تصحيح هذا الإسناد لحافظ من أهل العلم بالسنة؟ وهل نقل هذا الكلام أحد ممن تكلم على الراوي الكذاب المعمر؟ حتى المتوسعون الجماعون، بما فيهم الحافظ ابن حجر في اللسان، والسيوطي في ذيل الموضوعات، مع أن الأول ينقل من كتاب الكشي لرجالات الشيعة.

هذ1ا ما لدي الآن، وحالتي الصحية الآن لا تحتمل التفصيل أكثر، ولكن أحببت أن أجيب جوابا يشمل هذا الكتاب وغيره من كتب الرافضة المسندة، لأني رحلتي معها تزيد على عشر سنوات تتبعا ودراسة، فأحببت أن أضع خلاصة ما رأيته لإخواني طلبة العلم.

ومن العجيب أن أحمد الغماري نفسه الذي كان من أوائل من أقحم كتب القوم في تخريج الحديث النبوي صرح في أجوبته لشيخنا بوخبزة أنه لا يثق بنقول وكتب القوم، لأنهم كذبة لا يوثقون!

نأتي إلى تخريج هذا الحديث، فهو حديث يحتاج لتضافر الجهود، ولا مانع من كثرة من يتكلم فيه ممن يعرف العلل، لأن من تأمل طرقه على طريقة المحدثين علم أنه موضوع من سائر طرقه، ومع ذلك فهو من أركان ما يحتج به الرافضة في الإمامة، وادعى بعض الجهلة تواتره لكثرة طرقه، ولو حققها لعلم أن كثرة طرقه لا تزيده إلا وهنا، وهذا طبيعي بالنسبة لهم، فدينهم كله قائم على الكذب، ولكن الغرض تنبيه من لا يحقق الحديث لئلا يغتر به، وليعلم أنه مثال جيد لبيان سرقة وتركيب رواة الرافضة للحديث، وأنهم لم يتركوا ذلك في الأحاديث إفراداً ومؤلفات.

فأشجعك أخي الشيخ خالد في بحثك، حتى إن اختلفت في أصل اعتبار التخريج من كتب القوم، ولكن الحديث بحاجة للبحث بشتى الطرائق، ولمختلف الشرائح، لأن جهود أهل السنة في هذا الحديث للأسف لا تقابل كثرة تدليسات المبطلين المحتجين بهذا الباطل، وسأرسل لك تخريجي للحديث على الخاص، ثم إن رأيت من الفائدة أن أضعه في موضوع مستقل، أن تأخذ ما تقره وتنقح باقيه فالأمر لك، وبيض الله وجهك على جهدك الطيب.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[14 - 09 - 07, 10:55 م]ـ

شواهد التنزيل يرويه عن الحسكاني ابنه وهب وهو مجهول الحال

ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[14 - 09 - 07, 11:25 م]ـ

عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

حفظك الله أخي الشيخ زياد وبارك فيك

أسأل الله تعالى أن يمن عليك بالصحة والعافية وأن يجمع لك بين الأجر والشفاء العاجل

الهدف من هذا العمل أن نرد الزور الذي يروجه الروافض بهذه الروايات وأمثالها، ونقلي من كتبهم أو العزو إليها ليس احتجاجا بها أو ركونا إليها، بل هو من باب الإبطال لما يحتجون به على طريقة أهل الحديث، ولو لم أر مقالة هذا الرافضي الذي أوردتُها أول الموضوع لما كلَّفت نفسي البحث عن هذه الرواية ولا ضيَّعت وقتي في النظر في طرقها، لكني رأيت أن ذلك من باب إبطال زورهم ورد كذبهم وبيان حماقتهم وجهلهم.

وعرضي للموضوع أمام مشايخي وإخواني القصد منه التوجيه والإرشاد، فجزاك الله خيرا وبقية المشايخ الذين نبهوني على ما رأوا من خطإ في ما سطرت، وسأكمل إنزال بقية ما جمعتُ إن شاء الله مع الاستفادة من تخريجك الذي أرسلت على الخاص وما في موقع الشيخ فيصل نور أو غير ذلك مما وقفت عليه.

أما الكلام عن مؤلف الكتاب فقد عرضت ما عندي، و أنا أواصل البحث عن أي شيء يفيد حوله، حتى أجلي الأمر لإخواني وأكفيهم عناء البحث عن ذلك.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015