وهذه الكتب تجدها في النهاية تعتمد على كتب ومصادر السنة الأصلية، وإن كان اعتمادها غالبا على الواهي، ولكن لا تكاد تنفرد بالمصادر الرافضية الصرفة إلا من النسخ الموضوعة التي عرفها الحفاظ وهجروها، ولم يروها إلا حطاب الليل والضعفاء من المتشيعة غالبا، واندثرت روايتها ونسخها فيما بعد.
وبقيت الحال كذلك إلى القرن الثامن، حين حصلت الردود بين شيخ الإسلام ابن تيمية وبين الحلي الرافضي، وإلى ذلك الوقت لم يكن هناك أثارة نقل حتى عند الرواة المتشيعة من كتب الروافض المسندة التي أؤكد أنها ظهرت بصورتها الحالية فيما بعد، مثل الكافي والاستبصار وغيرها.
نعم، نجد في بعض الكتب المتقدمة أن فلانا ألف كتاب كذا وكتاب كذا، ولكن أين هي الكتب؟ وأين النقول المسندة أو حتى غير المسندة من طريقها؟ وأين ذكرها (أعني النقول) الحفاظ سواء في الطبقات والمشيخات والفهارس القديمة والحديثة؟ لا تجد شيئا من ذلك إلى القرن الثامن.
وبعد القرن الثامن نشطت حركة وضع الكتب في الدولة الصفوية، وزوروا الكتب، وكان من عُمد أساليبهم أن يجدوا كتابا نُسب في موضوع معين يناسبهم لأحد العلماء القدماء منهم أو من غيرهم فينسجون على منواله، ويسرقون ويركبون ويسوون الأسانيد، مع اختلاف في (إتقان) الكذب والوضع، فوضعوا كتبا كثيرة جدا، وركبوا لها أسانيد، واستفادوا من خبرة أسلافهم في سرقة الأسانيد وتركيبها للمتون، فتجد في عدة كتب ما لا يجيء، وانفرادات غير مقبولة، ومن المضحك أكثر أن لا تكاد تجد في كتبهم المعتمدة شيئا اسمه متابعات تامة أو رواية من طريق المؤلف، فتجد بعضهم يروي عن شيخ في كتبهم الأربعة (المعتدة) عن شيخ بضع مئات من الأحاديث أو تتجاوز الألف، ويروي قرينه عن نفس الشيخ في نفس الموضوع وأحاديث متشابهة أو متطابقة، ولا يشترك إسناد واحد!
ولا تكاد تجد قبل القرن الثامن يروي ولا ينقل مباشرة من الكافي للكليني، ولا حتى المتشيعة الذين نقلت أسماءهم قبل، فأين كان الكتاب؟ وبعد القرن الثامن صار الكتاب كل يوم يزيد! إلى أن زعموا إقرار مهديهم له؟! وهكذا غيره!
بل إن الكتب الكثيرة والمرويات التي لم يرها المتوسعون من رواة المتشيعة، ولا حتى الرافضة الكبار كالحلي وغيره، نبعت من تحت الأرض أيام الصفويين، وجمعها المجلسي في بحاره، والحر العاملي، ثم جاء من استدرك عليهما بالمزيد، وكل يوم تخرج الأرض أفلاذ أكبادها، وتظهر مرويات جديدة لم تعرف لاثني عشر أو ثلاثة عشر قرنا، ويحتجون بها ويعملون! قياسا على زيادة ثقة!
وهناك كتب كثيرة يرى الباحث فيها أن الأسانيد تدور على مشايخ مجاهيل وأسامي قريبة من أسامي المحدثين (للتمويه) ثم تلصق بأسانيد ذهبية معروفة، لمتون منكرة لا أصل لها، وتُسرق المتابعات من صحائف لهم، أو لأسانيد معروفة وموجودة وإن كانت ضعيفة، وتركب، وتقلب المتون والأسانيد، انظر مثلا كتاب الاستغاثة من بدع الثلاثة، وكثير من بابته.
الشاهد أن وجود مخطوطات لكتبهم تروي بالإسناد ونقول متأخرة واختصارات وذُكر له مخطوط (عندهم) و ... و ... كل هذا لا يغني شيئا في إثبات نسبة الكتاب، ما لم يكن للكتاب أو وجوده أصل عند أهل السنة ويقفوا عليه بأنفسهم، وتوجد له دلائل حقيقية لتوثيقه.
وإن عملية (طبخ) المخطوطات كانت وما تزال رائجة عند الرافضة، بل سجل عبد الرحمن بدوي في كتابه عن إيران وجود سوق للكتبيين محترفي تزوير المخطوطات في طهران، وهذا زمن الشاه، فما بالكم زمن الثورة وتصديرها؟
ولما كانت كتبهم الروائية (التي يسمونها المعنعنة) بهذه الحال: كانت حال كتب ( .. الرجال!) عندهم توازي الخلط والاختراع الوارد في الأصول، ونظرة متمحصة لموسوعة الخوئي في رجال كتبهم الأربعة المعتمدة يجد الكثير من الحيرة في تحديد الرواة وتنزيلهم مراتبهم وطبقاتهم، وهذه إحدى نتائج التركيب!
¥