الليالي، دل ذلك على أن غيرها من الليالي من باب أولى، لا يجوز تخصيص شيء منها بشيء من العبادة، إلا بدليل صحيح يدل على التخصيص. ولما كانت ليلة القدر وليالي رمضان يشرع قيامها والاجتهاد فيها، نبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وحث الأمة على قيامها، وفعل ذلك بنفسه، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم علي أنه قال: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه فلو كانت ليلة النصف من شعبان، أو ليلة أول جمعة من رجب أو ليلة الإسراء والمعراج يشرع تخصيصها باحتفال أو شيء من العبادة، لأرشد النبي صلى الله عليه وسلم الأمة إليه، أو فعله بنفسه، ولو وقع شيء من ذلك لنقله الصحابة رضي الله عنهم إلى الأمة، ولم يكتموه عنهم، وهم خير الناس، وأنصح الناس بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ورضي الله عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرضاهم، وقد عرفت آنفا من كلام العلماء أنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم شيء في فضل ليلة أول جمعة من رجب، ولا في ليلة النصف من شعبان، فعلم أن الاحتفال بهما بدعة محدثة في الإسلام، وهكذا تخصيصها بشيء من العبادة، بدعة منكرة، وهكذا ليلة سبع وعشرين من رجب، التي يعتقد بعض الناس أنها ليلة الإسراء والمعراج، لا يجوز تخصيصها بشيء من العبادة، كما لا يجوز الاحتفال بها، للأدلة السابقة، هذا لو علمت، فكيف والصحيح من أقوال العلماء أنها لا تعرف، وقول من قال: أنها ليلة سبع وعشرين من رجب، قول باطل لا أساس له في الأحاديث الصحيحة، ولقد أحسن من قال:
وخير الأمور السالفات على الهدى وشر الأمور المحدثات البدائع
والله المسئول أن يوفقنا وسائر المسلمين للتمسك بالسنة والثبات عليها، والحذر مما خالفها، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
الحواشي
() أخرجه ابن ماجة رقم (1390) 1/ 445، وابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق رقم (2236) 18/ 326، واللالكائي في اعتقاد أهل السنة من حديث أبي موسى رقم (763) 3/ 447، والدارمي في الرد على الجهمية رقم (136) ص81 من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وذكره الزيلعي في تخريج الأحاديث والآثار 3/ 265، والهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 65، وضعفه البوصيري في مصباح الزجاجة رقم (494) 2/ 10، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة رقم (1390) 1/ 445، وصححه في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم (1563) 4/ 86، ورقم (1144) 3/ 135، وفي صحيح الجامع رقم (1819)، وفي ظلال السنة رقم (510)، وأخرجه ابن حبان من حديث معاذ بن جبل رقم (5665) 12/ 481، والطبراني في الكبير رقم (215) 20/ 108، وفي الأوسط رقم (6776) 7/ 36، وفي مسند الشاميين رقم (203) 1/ 128، ورقم (205) 1/ 130، ورقم (3570) 4/ 365، والبيهقي شعب الإيمان من حديث معاذ رقم (3833) 3/ 382، ورقم (6628) 5/ 272، وفي فضائل الأوقات ص119 - 120، وابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق رقم (6624) 54/ 97، 38/ 235، والهيثمي في موارد الظمآن رقم (1980) 1/ 486، وأبو نعيم في حلية الأولياء 5/ 191، وإسحاق بن راهويه في مسند ه من حديث الوضين بن عطاء رقم (1702) 3/ 981، والبزار من حديث عوف بن مالك رقم (2754) 7/ 186، ومن حديث أبي بكر الصديق رقم (80) 1/ 157، 206، والهيثمي في مسند الحارث من حديث كثير بن مرة رقم (338) 1/ 423، وابن حجر في المطالب العالية من حديثه رقم (1087) 6/ 162، وأخرجه ابن أبي شيبة رقم (29859) 6/ 108من حديث كثير بن مرة الحضرمي وعبد الرزاق رقم (7923) 4/ 316 من حديثه، والطبراني في الكبير من حديث أبي ثعلبة رقم (950) 22/ 223، ورقم (953) 22/ 224، والبيهقي في السنن الصغرى رقم (1426) 3/ 431، من حديثه، والمروزي من حديث أبي بكر الصديق في مسند أبي بكر رقم (104) ص171، وذكره ابن الجوزي في العلل الواردة في الأحاديث النبوية من حديث معاذ رقم (970) 6/ 50، والهيثمي في
¥