وسبق الخلاف على الوليد بن عتبة، وأن هذا الوجه هو الراجح عنه.

وقد اختُلف على الوليد بن مسلم:

- فرواه الوليد بن عتبة عنه بهذا الإسناد،

- ورواه علي بن سهل الرملي عنه عن سعيد بن عبد العزيز وعبد الله بن العلاء وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن مكحول عن عبادة مباشرة،

والوليد وعلي ثقتان، إلا أن الوليد دمشقي كشيخه الوليد بن مسلم، وهو مقدَّم في أصحاب ابن مسلم، قدمه دحيم على ثلاثة منهم (انظر: تهذيب الكمال: 31/ 49)، فروايته أرجح، وكأن البيهقي يرجح هذا، فإنه لما أسند رواية علي بن سهل في سننه قال: «ورواه غيره عن الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز وغيره عن مكحول عن محمود عن أبي نعيم أنه سمع عبادة بن الصامت ... » (السنن: 2/ 165).

ويدل على هذا أن الأئمة خطّؤوا الوليد بن مسلم نفسَهُ في هذه الرواية، ويأتي الكلام عليه - إن شاء الله -.

# دراسة الوجه الثالث عن مكحول: الرواية عنه عن نافع بن محمود بن الربيع - أو: ابن ربيعة - عن عبادة بن الصامت، ومن تابعه على ذلك:

1 - في رواية النسائي عن هشام بن عمار عن صدقة بن خالد لم يذكر مكحولاً، وقرن غيره حرام بن حكيم بمكحول، ولعله لا تعارض هنا، فإن النسائي اختار أحد الطريقين من رواية زيد بن واقد عن الاثنين (حرام ومكحول) وأسندها.

2 - روى الحديث يحيى بن عبد الله بن الضحاك البابلتي عن صدقة بن خالد عن زيد بن واقد عن عثمان بن أبي سودة عن نافع بن محمود، وهذا خطأ من يحيى، فإن هشام بن عمار و محمد بن المبارك الصوري يرويانه عن صدقة بن خالد عن زيد بن واقد عن مكحول وحرام عن نافع، وهما ثقتان، والبابلتي ضعيف، فروايته منكرة.

3 - روى الحديث عبد الله بن يوسف التنيسي ومروان بن محمد الطاطري عن الهيثم بن حميد عن زيد بن واقد، واختلفا:

- فرواية التنيسي بجعل شيخ زيد بن واقد: مكحولاً وحده،

- ورواية الطاطري بقرن مكحول بحرام بن حكيم،

والتنيسي والطاطري ثقتان حافظان من ثقات أهل الشام، والظاهر أن الحديث عند الهيثم بن حميد عن مكحول وحرام معًا - كقرينِهِ صدقة بن خالد -، فروى هذا وجهًا منهما، وهذا رواهما معًا، والله أعلم.

4 - روى الحديث الشاشي والطبراني من طريق محمد بن عمر الواقدي عن أسامة بن زيد عن مكحول به، والواقدي متروك معروفٌ تركه، فلا تصح هذه الرواية.

5 - في رواية يزيد بن يزيد بن جابر: إبراهيم بن أبي يحيى، وهو متروك - كما هو معروف -، وفي الإسناد عبيد الله بن سعيد بن كثير بن عفير عن أبيه، متكلم فيه وفي روايته عن أبيه (انظر: المجروحين لابن حبان: 2/ 67، لسان الميزان: 4/ 104).

فثبت من هذا كله رواية صدقة بن خالد والهيثم بن حميد، عن زيد بن واقد، عن مكحول وحرام بن حكيم، عن نافع بن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -، وهو الوجه الثالث عن مكحول، وتابعه عليه حرام.

# دراسة الوجه الرابع عن مكحول: الرواية عنه عن عبادة بن نسي عن عبادة بن الصامت:

وقد أخرجه الطبراني من طريق أبي خليد عتبة بن حماد عن سعيد بن عبد العزيز عن مكحول به، وهذا عائد إلى الخلاف على سعيد بن عبد العزيز:

- فقد سبق أن الوليد بن مسلم رواه عن سعيد وغيره عن مكحول عن محمود بن الربيع عن أبي نعيم عن عبادة،

- ورواه عتبة بهذا الإسناد،

وعتبة صدوق، والوليد أوثق منه بمراحل، ولم يأتِ ذكرٌ لعبادة بن نسي في هذا الحديث إلا في هذا الوجه، فالرواية عن سعيد بن عبد العزيز على هذا الوجه خطأ.

# دراسة الوجه الخامس عن مكحول: الرواية عنه عن عبادة بن الصامت مباشرة:

1 - سبق أن رواية سعيد بن عبد العزيز ومن معه على هذا الوجه مرجوحة.

2 - روى الحديث بقية عن محمد بن الوليد الزبيدي عن مكحول به، وقد صرح بقية بالتحديث عن الزبيدي، فهو كما قال النسائي: «إذا قال: "حدثنا" و "أخبرنا" فهو ثقة، وإذا قال: "عن فلان" فلا يؤخذ عنه، لأنه لا يدرى عمن أخذه» (تهذيب الكمال: 4/ 198)، وأما قول أبي أحمد الحاكم: «ثقة في حديثه إذا حدث عن الثقات لا يعرف، لكنه ربما روى عن أقوام مثل الأوزاعي والزبيدي وعبيد الله العمري أحاديث شبيهة بالموضوعة، أخذها عن محمد بن عبد الرحمن ويوسف بن السفر وغيرهما من الضعفاء، ويسقطهم من الوسط، ويرويها عمن حدثوه بها عنهم» (تهذيب التهذيب: 1/ 418، 419) = فلعل هذا يحتمل فيما إذا انفرد بالحديث عن هؤلاء ولم يصرح بالتحديث،

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015