فقال المعلمي اليماني في تحقيقه لكتاب «الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة» (ص490): «لم يسق في «اللآلئ» سنده ولن يكون إلا ساقطًا».

قلت: «وما قاله المعلمي اليماني هو الحق، حيث أكده الشيخ الألباني في «الضعيفة» (1/ 282) (ح262) فساق سنده عن ابن عساكر في «تاريخه» (2/ 309/2) عن الحاكم بن عبد اللَّه الكلبي أبي سالم من أهل قزوين، عن يحيى بن سعيد البحراني من أهل غطيف، عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مم خلقت النخلة؟ فذكره، ثم قال: وهذا إسناد ضعيف جدًا وأبو هارون العبدي اسمه عمارة بن جوين وهو متروك ومنهم من كذبه كما في «التقريب». اهـ.

أ- قلت: وفي «الميزان» (3/ 173/6018) عمارة بن جوين كذبه حماد بن زيد وقال شعبة: «لأن أقدَّم فتضرب عنقي أحبّ إليّ من أن أحدث عن أبي هارون».

ب- وقال الجوزجاني: أبو هارون كذاب مفتر.

جـ- قال النسائي في «الضعفاء والمتروكين» (ت/476): «عمارة بن جوين أبو هارون العبدي متروك الحديث بصري».

قلت: وهذا المصطلح عند النسائي له مدلوله حيث قال الحافظ في «شرح النخبة» (ص69): «ولهذا كان مذهب النسائي أن لا يترك حديث الرجل حتى يجتمع الجميع على تركه».

د- قال ابن حبان في «المجروحين» (2/ 177): «عمارة بن جوين أبو هارون العبدي كان رافضيًا يروي عن أبي سعيد ما ليس من حديثه، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب».

قلت: وحاولت أن أذكر طرق الحديث مبينًا درجة ضعفها حتى لا يُقال: إن الحديث الضعيف إذا جاء من عدة طرق قوى بعضها بعضًا، ولا يدرى أن هذا ليس على إطلاقه كما هو مبين من قول الحافظ ابن كثير في «اختصار علوم الحديث» (ص16).

قال الشيخ أبو عمرو: «لا يلزم من دور الحديث من طرق متعددة أن يكون حسنًا لأن الضعيف يتفاوت فمنه ما لا يزول بالمتابعات يعني لا يؤثر كونه تابعًا أو متبوعًا كرواية الكذابين والمتروكين».

قلت: وهذه القاعدة الحديثية تنطبق على حديث قصة خلق النخلة ونسبها لآدم فطرقها كما بينا آنفًا لا تخلو من وضاع أو متروك أو كذاب.

وكم لهذه الأحاديث الموضوعة والقصص الواهية من الأثر السيئ حتى اعتبرتها الصحف أنها كشف جديد في عالم النخل لثقتهم بالشيخ ومكانته الإدارية، حيث أخذ الشيخ يربط بين النخلة والإنسان من النواحي الخلقية والشكلية.

ومثل هذه الأحاديث المكذوبة والتي بها قصص الخلق ولا يعرف الكثير درجتها ويروجونها في الندوات وتنشرها الصحف تفتح بابًا للطعن في الإسلام، حيث أثبتت البحوث العلمية الحديثة بحقائق علمية ترى رأي العين أن الله أعطى كل شيء خلقه ثم هدى.

فكل خلية تحت المجاهر المكبرة تشهد بأن لكل مخلوق خلقه من كرومسومات (الأمشاج) وعليها جينات، ولا يشاركها فيها كائن آخر، فلكل كائن جيناته التي أعطاها الله سبحانه: ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى [طه: 50]، سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون [يس: 36]، ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون [الذاريات: 49].

فعلوم الكشف عن سنن اللَّه الكونية تشهد بحقائقها العلمية لهذه الآيات القرآنية ولا يمكن لحقيقة علمية من سنن اللَّه الكونية في آياته في الآفاق أن تصطدم بآية قرآنية لقوله تعالى: سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد [فصلت: 53].

فالخلق خلقه والأمر أمره، قال تعالى: ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين [الأعراف:54].

منشأ التعارض وأثره السيئ

ينشأ المتعارض من أمرين:

الأول: ينشأ التعارض من أن يعتقد الإنسان أن الأمر حقيقة دينية، وهو ليس بحقيقة دينية فيصطدم مع الحقائق العلمية الكونية من سنن اللَّه الكونية والتي يراها الإنسان في الآفاق شاهدة الشمس في ضحاها كالاعتقاد بأن النخلة عمة الإنسان لأنها خلقت عن بقية طينة آدم وأثبتنا آنفًا أنها قصة مكذوبة منسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

فتصطدم مع الحقيقة العلمية في سنن اللَّه الكونية في خلقه والتي أعطى اللَّه فيها خلايا النخل خلقها، وأعطى سبحانه خلايا الإنسان خلقها من كرومسومات (الأمشاج) وما عليها من جينات، كما هو مقرر عند علماء الخلية وما بها من آيات تشهد بتوحيد الربوبية ولازمها توحيد الألوهية.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015