نعم، لم يذكر الإمام أحمد إحراقهم داره ... وأنا لم أستقص كلّ دقيقة لا في الثناء والمدح، ولا في الغمز والقدح ... وليس بي حاجة إلى تكلّف وتجشّم استقصاء نقل يوجد ما يغني عنه، أو يثبت أصله ...

- ثمّ إنّ المتبادر من العزو إلى الجرح والتعديل ج 1 ص 450: أنّ ذاك النقل من كتاب ابن أبي حاتم؛ سواء من تقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل، وهذا تنتهي صحائفه عند الصحيفة 375 ...

وليست التقدمة من مظانّ وجود ذاك النقل؛ لأنّ ابن سالم وثورا ليسا مترجمين في تقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل، ولا بلغا رتبة المترجمين فيها، كما لا يخفى على حديثيّ مدارس ممارس ...

- فإن قيل: لعلّه منقول من المجلّد الثاني الذي شرع فيه ابن أبي حاتم 1/ 39 بسياق الأحمدين ومن يليهم؛ فقد رجعت إلى نشرة الإمام المعلّميّ، ولم أجد ذاك النقل في 1/ 450، بل الترجمة في ص468 - 469، وليس فيها ما حكاه ابن سالم ...

2 ــ عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي يقول: ثور بن يزيد الكلاعي لا بأس به. انظر الجرح والتعديل ج 1 ص 450.

لا أدري - والله - هل يعتقد أحد أنّ قول الإمام أحمد في رجل: " لا بأس به "، تجريح وتضعيف ...

ثمّ إنّه لا فائدة من استدراكه عليّ؛ ففي مشاركتي السابقة:

" ورحم الله إمام السنة أحمد القائل: كان يرى القدر، وكان أهل حمص نفوه، وأخرجوه منها؛ لأنه كان يرى القدر، وليس به بأس، حدّثنا عنه يحيى بن سعيد ... ".

- وهذا النقل عن الإمام أحمد يتضمّن أمرين لا بدّ من التأكيد عليهما:

1 - أنّه تضمّن قول الإمام أحمد: " ليس به بأس "، وهو بمعنى: " لا بأس به "؛ فلا معنى لاستدراكه، على أنّ الذي في ترجمة ثور من الجرح ص469: " ليس به بأس ".

- وليس بي كبير حاجة إلى التنبيه على أنّ في نسخة: " ليس بحديثه بأس "، بله تقصّي نقل كلام الإمام أحمد من " العلل ومعرفة الرجال " ...

2 - أنّ ما وقع فيه من بدعة القدر، وما أدّى إليه من نفي الحمصيّين إيّاه = لم يسقط حديثه، بل بقي - مع ذلك - لا بأس بروايته ...

3 ــ وغمزه سفيان بن عيينة ... انظر الجرح والتعديل ج 1 ص 450.

- لا أحبّذ تكرار ما سبق، لكنّي أرغب في توثيق هذا النقل عن ابن عيينة من الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ...

4 ــ وعن سلمة بن العيار قال: كان الأوزاعي يسيئ القول في ثلاثة: (في ثور بن يزيد، ومحمد بن إسحاق، وزرعة بن إبراهيم). انظر الكامل في الضعفاء ج 2 ص 102.

5 ــ وكان ثور إذا ذكر علياً كرم الله وجهه قال: لا أحب رجلاً قتل جدي. الطبقات الكبرى ج 7 ص 467.

- قد أشرت إلى كلام الأوزاعيّ فيه، وذكرت أنّ بعضهم رماه بالنصب؛ فلا معنى للتطويل بلا طائل، والذي أطالب به وأؤكّد عليه: نقل كلام من ضعّف ثورا وشيخه خالد بن معدان ...

6 ــ وما رأيت أحداً يشك أنه قدري .. انظر تهذيب التهذيب ج 2 ص 30.

لا ريب أنّك لم تدركه، وقائل هذا هو: عبد الرحمان بن إبراهيم، وتتمّة كلامه: " ثور بن يزيد ثقة، وما رأيت أحدا يشكّ أنّه قدريّ، وهو صحيح الحديث، حمصيّ ".

7 ــ وعده ابن حجر من الطبقة السابعة .. ترجمة رقم 861.

- أخشى ما أخشاه أن يظنّ ظانّ أنّ عدّ ابن حجر إيّاه من الطبقة السابعة ... جرح وتضعيف!!

- والصواب - بلا ارتياب - أنّه قصد أنّه من رؤوس طبقة أتباع التابعين، وهذا لا يخفى على حديثيّ شدا طرفا صالحا من هذا الشأن = فلا معنى لاستدراكه!!

وأقول: فتشت وبحثت ونقبت فلم أجد أحداً عده شيخ الإسلام إلا صاحب المشاركة السابقة (العاصمي) ..

- لم أنصّ على أنّ ثورا من شيوخ الإسلام، وأنا أوقن أنّه لا يستحقّ هذه الدرجة المنيفة، والرتبة الشريفة ... إلاّ من صحّ مذهبه، وصفا مشربه، وخلا من البدع والأهواء، والواجب إعطاء كلّ مخلوق حقّه ومستحقّه، وقد جعل الله لكلّ شيء قدرا، وما من راو إلاّ له مقام معلوم ...

- وإنّما قلت - بعد أن أشرت إلى منزلة خالد بن معدان -:

" وأرى أنّه في غاية الغناء عن الإطناب في الثناء عليه؛ فقد جاز القناطر، واتّفقوا وأطبقوا على تصحيح حديثه، وهذا ممّا لا ينبغي أن يمتري فيه حديثيّ ... وأحسن الله عزاءنا في زمان، صرنا فيه بحاجة إلى التأكيد على ثقة شيوخ الإسلام، وهداة الأنام ... ".

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015