وَصَاحِبُهُ هو أبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُوسَى بْنِ قُولُوَيْهِ القمِّيُّ، مِنْ أَكَابِرِ مُصَنِّفِي الشِّيعَةِ الإِمَامِيَّةِ الْقُمِّيينَ، وَمِنْ مَشَاهِيرِهِمْ وَمَمْدُوحِيهِمْ، تَرْجَمَ لَهُ الطُّوسِيُّ شَيْخُ الإِمَامِيَّةِ، وَالْغَضَائِرِيُّ، وَالنَّجَاشِيُّ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَبَالَغُوا فِي إِطْرَائِهِ، وَالثَّنَاءَ عَلَيْهِ. وَتَلْمَذَ لَهُ الشَّيْخُ الْمُفِيدُ، وَابْنُ بِلالٍ الْمُهَلَّبِيُّ، وَالْغَضَائِرِيُّ.

وَكِتَابُهُ هَذَا مِنْ أَكْبَرِ كُتُبِ مَنَاسِكِ حَجِّ الْمَشَاهِدِ وَالْقِبَابِ وَالْمَزَارَاتِ الشِّيعِيَّةِ، فَقَدْ أَصَّلَ لِهَذِهِ الطَّائِفَةِ دَقَائِقَ عِبَادَتِهَا وَالتَّأَلُّهِ لَهَا، وَالْخُضُوعِ، وَالْخُشُوعِ، وَالإِنَابَةِ وَالتَّزَلُّفِ، وَالتَّبَرُّكِ وَالدُّعَاءِ، وَالاسْتِعَانَة وَالاسْتِغَاثَةِ، وَاسْتِصْحَابِ تُرْبَتِهَا وَطِينِهَا لاتِّخَاذِهَا مَسَاجِدَ وَمَسَابِحَ. وَفَصَّلَ أَرْكَانَهَا، وَفَرَائِضَهَا، وَمَنْدُوبَاتِهَا.

وَحَشَدَ فِي كِتَابِهِ ذَا كُلَّ مَا تَحْتَ إِمْرَتِهِ مِنْ عَسْكَرِ الْكَذِبِ وَالتَّزْيِيفِ، وَالْبُهْتِ وَالتَّحْرِيفِ، وَالإِثَارَةِ وَالتَّهْوِيلِ، وَالزُّورِ وَالتَّضْلِيلِ، فَجَاءَ فِيهِ بِدِينٍ مُحَرَّفٍ مُبَدَّلٍ أَشْبَهِ شَيْءٍ بِمَا وَضَعَهُ عُبَّادُ الْعِجْلِ، الِّذِينَ لَعَنَهُمْ اللهُ تَعَالَى، وَغَضِبَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ عَنْهُمْ «فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ» [طَهْ:88]، وَقَالَ تَعَالَى «وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدَاً لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ» [الأَعْرَافُ:148] وَقَالَ تَعَالَى «وَلَقَدْ جَاءكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ» [الْبَقْرَةُ:92]

قَالَ شَيْخُ الإِسْلامِ أبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: «وَلَمَّا تَمَكَّنَتْ الزَّنَادِقَةُ أَمَرُوا بِبِنَاءِ الْمَشَاهِدِ وَتَعْطِيلِ الْمَسَاجِدِ، مُحْتَجِّينَ بِأَنَّهُ لا تُصَلَّى الْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَةِ إِلا خَلْفَ الْمَعْصُومِ.

وَرَوَوْا فِى إِنَارَةِ الْمَشَاهِدِ وَتَعْظِيمِهَا وَالدُّعَاءِ عِنْدَهَا مِنْ الأَكَاذِيبِ مَا لَمْ أَجِدْ مِثْلَهُ فِيمَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ أَكَاذِيبِ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى صَنَّفَ كَبِيرُهُمْ ابْنُ النُّعْمَانِ كِتَابَاً فِى مَنَاسِكِ حَجِّ الْمَشَاهِدِ، وَكَذَبُوا فِيهِ عَلَى النَّبىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ أَكَاذِيبَ بَدَّلُوا بِهَا دِينَهُ، وَغَيَّرُوا مِلَّتَهُ، وَابْتَدَعُوا الشَّرْكَ الْمُنَافِى لِلتَّوْحِيدِ، فَصَارُوا جَامِعِينَ بَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكَذِبِ كَمَا قَرَنَ اللهُ بَيْنَهُمَا فِى غَيْرِ مَوْضَعٍ كقوله «وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِحُنَفَاء للهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ». وَفِى الصَّحِيحِ عَنْ النَّبىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: «عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الإِشْرَاكَ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاءَ للهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ». وقال تعالى «إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ» [الأَعْرَافُ:152]. وقال تعالى «وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ. وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ» [الْقَصَصُ:74]»

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015