والخلاصة، فإن توثيق يحيى بن سليم فى رواياته عن أهل بلده خاصةً: عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، وإِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ مما لا يرتاب فيه أهل التحقيق. ولهذا اقتصر عليهما مسلمٌ لما ترجم له فى ((الكنى والأسماء)) (1/ 336) فقال: ((أبُو زَكَرِيَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، ويقال أبو مُحَمَّدٍ. سمع: إِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ، وابْنَ خُثَيْمٍ))، واحتجَّ وخرَّج فى ((صحيحه)) روايته عن ابْنِ خُثَيْمٍ. وأما البخارى فقد احتج بروايته عن إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ.
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[15 - 02 - 05, 01:08 م]ـ
وإذ بان لك أولَ أقوالِ أئمة الجرح والتعديل فى يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيِّ، فهاك:
(القول الثانى) توثيقه مع توهين رواياته عَنْ عُبِيدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ.
قال العقيلى ((الضعفاء)) (4/ 406): ((حدثنا عبد الله بن أحمد سمعت أبي يقول: وقفت على يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ وهو يحدث عَنْ عُبِيدِ اللهِ أحاديث مناكير، فتركته ولم أحمل عنه إلا حديثاً، وسألت أبي عن يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ فقال: كذا وكذا، ليس حديثه فيه شيء، وكأنه لم يحمده، وقال: قد أتقن حديث ابْنَ خُثَيْمٍ كان عنده في كتابٍ)).
قال أبو جعفر: ((ومن حديثه ما حدثناه محمد بن زكريا ثنا محمد بن عباد ثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ عُبِيدِ اللهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال لأبي بكر: ((متى توتر؟))، قال: أوتر ثم أنام، قال: ((بالحزم أخذت))، ثم قال لعمر، فقال: أنام ثم أقوم من الليل فأوتر، قال: ((فعل القوم فعلت)). ولا يتابع عليه من حديث عُبِيدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وقد روى بغير هذا الإسناد من وجه آخر)) اهـ.
وفى ((تهذيب الكمال)) (31/ 368/6841) للمزى، و ((الكاشف)) (2/ 367) للذهبى، و ((تهذيب التهذيب)) (11/ 198) لابن حجر ثلاثتهم: ((قال النسائى: ليس به بأس، وهو منكر الحديث عن عُبِيدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ)).
وأما الذى فى ((الضعفاء)) للنسائى: ((ليس بالقوى)).
قلت: قد احتج به النسائى فى غير روايته عَنْ عُبِيدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، ومما أخرج له:
قال النسائى ((المجتبى)) (1/ 66): أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ ح وَأَنْبَأَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَنْبَأَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَخْبِرْنِي عَنِ الْوُضُوءِ؟، قَالَ: ((أَسْبِغِ الْوُضُوءَ وَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا)).
وذكره ابن حبان فى ((كتاب الثقات)) (7/ 615/11731) وقال: ((يخطئ))
قلت: وهذا محمول على الخطأ فى روايته عن عُبِيدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ خاصةً، فقد خرَّج له فى ((صحيحه)) عن: إسماعيل بن أمية، وعبد الله بن عثمان بن خثيم، وإسماعيل بن كثير.
والخلاصة، فهؤلاء أربعة من أئمة التعديل والتزكية: أحمد، والساجى، والنسائى، وابن حبان استنكروا فقط روايته عَنْ عُبِيدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، ولا يشك المدقق الحصيف أن أعرفهم بحاله هو أحمد بن حنبل، ولا يذهبن عنك قوله فى رواية ابنه عبد الله عنه الآنفة الذكر: ((وقفت على يحيى بن سليم وهو يحدث عَنْ عُبِيدِ اللهِ بأحاديث مناكير، فتركته ولم أحمل عنه إلا حديثاً)). وربما انضاف إلى أربعتهم: يعقوب بن سفيان الفسوى، فقد قال عنه: ((سني رجل صالح وكتابه لا بأس به، وإذا حدث من كتابه فحديثه حسن، وإذا حدث حفظا فيُعرف ويُنكر))، لما علم أن الذى أطبقوا على إنكاره إنما هو حديثه عَنْ عُبِيدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ.
ولهذا قال الحافظ ابن حجر ((الفتح)) (4/ 418): ((والتحقيق أن الكلام فيه ـ يعنى ابْنِ سُلَيْمٍ ـ إنما وقع في روايته عَنْ عُبِيدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ خاصة)).
قلت: وهذا الذى اختاره الحافظ غاية فى الإنصاف والإحاطة بحال يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيِّ.
¥