أن رجلا أمر امرأته أن تنقل من جبل أحمر إلى جبل أسود ومن جبل أسود إلى جبل أحمر: لكان لها أن تفعل} أي لكان حقها أن تفعل. وكذلك في المسند وسنن ابن ماجه وصحيح ابن حبان عن عبد الله بن أبي أوفى قال: {لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا يا معاذ؟ قال: أتيت الشام فوجدتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعلوا ذلك فإني لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ; ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه} وعن طلق بن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أيما رجل دعا زوجته لحاجته فلتأته ولو كانت على التنور} رواه أبو حاتم في صحيحه والترمذي وقال حديث حسن وفي الصحيح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبانا عليها: لعنتها الملائكة حتى تصبح}. والأحاديث في ذلك كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال زيد بن ثابت: الزوج سيد في كتاب الله وقرأ قوله تعالى: {وألفيا سيدها لدى الباب}. وقال عمر بن الخطاب: النكاح رق فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته. وفي الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {استوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عندكم عوان} فالمرأة عند زوجها تشبه الرقيق والأسير فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه سواء أمرها أبوها أو أمها أو غير أبويها باتفاق الأئمة. وإذا أراد الرجل أن ينتقل إلى مكان آخر مع قيامه بما يجب عليه وحفظ حدود الله فيها ونهاها أبوها عن طاعته في ذلك: فعليها أن تطيع زوجها دون أبويها ; فإن الأبوين هما ظالمان ; ليس لها أن ينهياها عن طاعة مثل هذا الزوج وليس لها أن تطيع أمها فيما تأمرها به من الاختلاع منه أو مضاجرته حتى يطلقها: مثل أن تطالبه من النفقة والكسوة والصداق بما تطلبه ليطلقها فلا يحل لها أن تطيع واحدا من أبويها في طلاقه إذا كان متقيا لله فيها. ففي السنن الأربعة وصحيح ابن أبي حاتم عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة} وفي حديث آخر {المختلعات والمنتزعات هن المنافقات} وأما إذا أمرها أبواها أو أحدهما بما فيه طاعة الله: مثل المحافظة على الصلوات وصدق الحديث وأداء الأمانة ونهيها عن تبذير مالها وإضاعته ونحو ذلك مما أمر الله ورسوله أو نهاها الله ورسوله عنه: فعليها أن تطيعهما في ذلك ولو كان الأمر من غير أبويها. فكيف إذا كان من أبويها وإذا نهاها الزوج عما أمر الله أو أمرها بما نهى الله عنه: لم يكن لها أن تطيعه في ذلك ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق} بل المالك لو أمر مملوكه بما فيه معصية لله لم يجز له أن يطيعه في معصية فكيف يجوز أن تطيع المرأة زوجها أو أحد أبويها في معصية فإن الخير كله في طاعة الله ورسوله والشر كله في معصية الله ورسوله.

مجموع الفتاوى 32/ 261 - 264

وقال رحمه الله (والمرأة المتزوجة طاعتها لزوجها أفضل من طاعتها لأبويها ; بخلاف الأيمة فإنها مأمورة بطاعة أبويها.) 10/ 428.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015