ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[11 - 06 - 04, 09:02 م]ـ
الأخ الكريم / مصطفى.
سلام الله عليك ورحمته وبركاته.
أما تزال مصرِّاً على المخالفة، والحجة بين يديك بيِّنة؟!. وأى شئٍ أقنعك مما اجتزأته من كلام الأئمة فى حكم رواية المجهول، حتى قلتَ لا أقرُ بصحة الحديث؟!.
نقلك لمذهب على بن المدينى فى المجهول صحيح لا غبار عليه، لكن فاتك أنه ليس عليه العمل عند أصحاب الصحاح، حتى من تلامذة ابن المدينى وأخصِّ أصحابه، وعلى رأسهم إمام المحدثين أبى عبد الله البخارى. واقتصارك على هذا القول تقصير لا تنتهض به الحجة على المخالف، فضلاً عن الاعتراض على من صحَّح الحديث أو حسنه.
ففى مسألة الاحتجاج برواية المجهول ثمانية مذاهب، قد سبق الإشارة إليها فى جملة من المقالات على هذا الملتقى بعنوانين:
احتجاج الإمام مالك فى ((الموطأ)) بنسوةٍ مجهولاتٍ لم يرو عنهن إلا واحد، وقد وُثقن لتخريج مالك أحاديثهن فى ((الموطأ))
ذكر البيان بأن مالكاً احتج فى ((الموطأ)) برجال مجاهيل لم يرو عنهم إلا واحد
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=17906
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showt...&threadid=17926
وقد قلت: ((فهذا ((موطأ)) إمام الأئمة وحبر الأمة مالك بن أنس. ولا يغيبنَّ عنك أن مالكاً كان شديد التحرى فى البحث عن الرجال، فلم يدخل فى ((موطئه)) إلا الثقات. وقد قال أبو سعيد بن الأعرابى: كان يحيى بن معين يوثق الرجل لرواية مالك عنه، سئل عن غير واحد، فقال: ثقة روى عنه مالك. وقال الأثرم: سألت أحمد بن حنبل عن عمرو بن أبى عمرو مولى المطلب، فقال: يزين أمره عندى أن مالكاً روى عنه. فهذان إماما أئمة الجرح والتعديل: أحمد ويحيى قد رضيا مالكاً حكماً لهما فى توثيق الرجال، ونزلا على حكمه. وكفى بصنيعهما هذا دلالة!.
وقال شعبة بن الحجاج: كان مالك بن أنس أحد المميزين، ولقد سمعته يقول: ليس كل الناس يكتب عنهم، وإن كان لهم فضل فى أنفسهم، إنما هى أخبار رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فلا تؤخذ إلا من أهلها.
وقال مطرف بن عبد الله المدني: قال لي مالك بن أنس: عطاف ـ يعنى ابن خالد ـ يحدِّثُ؟، قلت: نعم، فأعظم ذلك إعظاما شديداً، ثم قال: لقد أدركت أناسا ثقات يحدثون ما يؤخذ عنهم، قلت: كيف وهم ثقات؟، قال: مخافة الزلل.
وقال عبد الله بن أحمد بن شبويه عن مطرف بن عبد الله: سمعت مالك بن أنس يقول: ويكتب عن مثل عطاف بن خالد!، لقد أدركت في هذا المسجد سبعين شيخا كلهم خير من عطاف ما كتبت عن أحد منهم، وإنما يكتب العلم عن قوم قد حوى فيهم العلم مثل عبيد الله بن عمر وأشباهه.
ففى ((الموطأ)) من هؤلاء التابعيات المجهولات اللاتى لا يعرفن بجرحٍ ولا عدالةٍ جماعة)). وذكرتهن كلهن فى بحث طويل من كتابى ((الإكليل ببيان احتجاج أكابر الأئمة بروايات المجاهيل)).
فماذا أنت قائل لمن قال لك: هذا إمام أئمة التعديل والتزكية مالك بن أنس قد وثَّق:
(1) بسر بن محجن بن أبى محجن الديلى، ولم يرو عنه إلا زيد بن أسلم.
(2) رافع بن إسحاق الأنصارى مولى الشفاء، ولم يرو عنه إلا إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة.
(3) زفر بن صعصعة بن مالك، ولم يرو عنه إلا إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة.
(4) عبد الله بن نسطاس، ولم يرو عنه إلا هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبى وقاص.
وأما قولنا بمخالفة البخارى لشيخه على بن المدينى على هذا المذهب، فأعدل شاهدٍ تخريجه فى ((الصحيح)) لجماعة من شيوخ الزهرى الذين تفرد بالرواية عنهم، منهم: عمر بن محمد بن جبير بن مطعم، ومحمد بن النعمان بن بشير.
وقد ذكرت عشرين راوياً ممن هم فى عداد المجاهيل، على طريقة أهل الإصطلاح، تفرد أبو بكرٍ الزهرى بالرواية عنهم، وتلقى الأئمة أحاديثهم بالقبول واحتجوا بها، فى كتابى ((الإكليل ببيان احتجاج الأئمة بروايات المجاهيل)).