إيضاح الجمع والتفريق من أحسن العلوم في الحديث وللخطيب فيه تصنيف ذكر للبخاري أربعة وسبعين وهما على ما زعم والمزي ذكر طيسلة بن علي من مسائل أبي داود والراوي عنه فيه زياد فلم يتحد الراوي ومثل ذلك لا يحكم فيه بالاتحاد إلا بدليل وكان الأخلص ذكرهما ترجمتين ويقع الاتحاد في محل الاحتمال والبخاري وابن أبي حاتم ذكرا ترجمة واحدة ولم يحكما بالاتحاد لكن ذكر الاختلاف وأشار إلى احتمال الاتحاد والافتراق ولكن كلام البرديجي متين حسن فيه زيادة فائدة والاعتراض إنما يكون على من يحكم بالاتحاد في محل الافتراق أو بالافتراق في محل الاتحاد أما من ينقل ترجمة واحدة كما فعل البخاري ويحكى الخلاف أو ترجمتين كما فعل المزي ويحكي الاختلاف فليس في الاعتراض عليه كبير أمر وإنما يكون زيادة فائدة إذا صحت وإلى الآن لم تصح والمزي لم يرد على نفسه بنفسه بل قال كلام ابن أبي حاتم فالواو عطفا على كلامه إشارة إلى الخلاف وقول البرديجي قد لا يوافق عليه وهذا إنما قلناه لبيان أنه فيه احتمال ما والبرديجي إمام موثوق به والأولى الرجوع إلى قوله ما لم يتبين خلافه
السؤال الثامن
قال وقال أيضا عبد الله بن أنيس الجهني قال أبو سعيد بن يونس توفي بالشام سنة ثمانين روى عنه من أهل مصر ربيعة بن لقيط تبعا لصاحب الكمال انتهى ابن يونس لم يقل هذا الكلام إلا في ترجمة عبد الله بن حوالة الأزدي بيانه أن أبا سعيد لما ذكر ابن أنيس قال صلى القبلتين وفي الحديث أنه غزا إفريقية وفيما روي عنه نظر وهو ابن أنيس بن أسعد بن حرام أبو يحيى القضاعي حليف الأنصار روى عنه معاذ انتهى
ثم ذكر بعده عبد الله بن قيس له صحبة مات سنة تسع وأربعين وبعده عبد الله بن شفي وبعده بورقة عبد الله بن حوالة الأزدي يكنى أبا حوالة قدم مصر مع مروان يروى عنه من أهل مصر ربيعة بن لقيط وذكر له حديثنا ثم قال توفي بالشام سنة ثمانين وكذا قاله في تاريخ الغرباء وكأن صاحب الكمال انقلبت عليه في تاريخ ابن يونس ورقة إن كان نقله من أصل وكذا هو في نسختي من التاريخ ولعلها هي التي نقل منها لأن آخر الكلام في ابن أنيس آخر الورقة وقوله روى عنه من أهل مصر أول الأخرى والله أعلم
الجواب:
هذا أحسن الأسئلة مع ما فيه مما يرد عليه وعلى المزي أيضا أما كونه أحسن الأسئلة فلأن ابن يونس لم ينقل تاريخ وفاة ابن أنيس وإنما نقل تاريخ وفاة ابن حوالة ويبعد جدا أن يكون ابن أنيس تأخر إلى سنة ثمانين لأنه شهد العقبة مع السبعين قبل الهجرة بسنة وأمره النبي على رأس خمسة وثلاثين شهرا من الهجرة وقتل سفيان بن خالد بن نبيح الذي أراد أن يغزو النبي وإنما توفي في زمن معاوية قال ابن عبد البر سنة أربعة وخمسين وقال غيره سنة ثمان وخمسين
وأما ابن حوالة فقال ابن سعد وجماعة إن وفاته سنة ثمان وخمسين وقال ابن يونس يقال توفي عبد الله بن حوالة بالشام سنة ثمانين فنقل هذا عن ابن يونس في ترجمة ابن أنيس التباس كما قاله المعترض وأما ما فيه فمنه ما يرد على المزي وعلى المعترض في الحكاية عن ابن يونس وابن يونس لفظه كما حكيته لك يقال توفي ابن حوالة هكذا نقلته من نسخة من تاريخ ابن يونس بخط أبي عبد الله الصوري فنقل ذلك عن ابن يونس نفسه لا يتبع في ابن حوالة فضلا عن الانتقال منه إلى ابن أنيس فعلى المزي نقدان وعلى المعترض نقد واحد
ومنه على المعترض خاصة قوله عن المزي عن ابن يونس روى عنه ربيعة بن لقيط والمزي لم يقل ذلك عن ابن يونس بل عن نفسه وإن كان الحامل له على ذلك قول ابن يونس الذي انقلب عليه أو على صاحب الكمال
ومنه قوله وهو ابن أنيس إلى آخره وهذا ليس هو لفظ ابن يونس وابن يونس ساق نسب ابن أنيس أولا
ومنه قوله عن ابن يونس روى عنه معاذ وعليه فيه اعتراضان أحدهما إيهامه أنه معاذ بن جبل وهو إيهام قبيح جدا
والثاني أن هذا لم يقله ابن يونس وإنما قال أخبرنا أحمد بن شعيب النسائي حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن أيوب ابن موسى عن معاذ بن عبد الله بن أنيس عن أبيه وكان صلى مع رسول الله القبلتين كلتيهما أنه خرج مع أبيه إلى أفريقية ومعاذ هذا هو معاذ بن عبد الله بن خبيب الجهني مات سنة ثمان عشرة ومائة
¥