التحقيق فى أحاديث الخلاف)) (1/ 79/61)، والمزى ((تهذيب الكمال)) (35/ 290) جميعاً من طريق مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة عن كبشة بنت كعب عن أبى قتادة به.
وقال أبو عيسى الترمذى: ((هذا حديث حسن صحيح. وقد جوَّد مالك هذا الحديث عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، ولم يأت به أحد أتم من مالك)).
وقال أبو عبد اللَّه الحاكم: ((هذا حديث صحيح ولم يخرجاه، على أنهما قد شهدا جميعا لمالك بن أنس أنه الحكم في حديث المدنيين، وهذا الحديث مما صححه مالك، واحتج به في ((الموطأ))، ومع ذلك فإنَّ له شاهدا بإسنادٍ صحيح)).
قلت: وقد حكم جماهير الأئمة للحديث بالصحة: البخارى، والترمذى، والعقيلى، وابن خزيمة، وابن الجارود، وابن حبان، والدارقطنى، والحاكم، وكذلك أكابر الحفاظ: النووى، والمزى، وابن تيميه، وابن دقيق العيد، وابن الملقن، والزيلعى، وابن حجر وكثيرون.
على أن فى إسناده كبشة بنت كعب بن مالك الأنصارية لم يرو عنها إلا ابنة أختها حُميدة بنت عبيد.
وقد زعم الإمام ابن منده أنهما مجهولتان. قال الحافظ ابن الملقن ((خلاصة البدر المنير)) (1/ 19): ((وخالف ابن منده، فأعلَّه بأن قال: في سنده حميدة وكبشة، ومحلهما محل جهالة.
قلت: لا بل ذكرهما ابن حبان في ((ثقاته))، وروي عن حميدة ثلاثة.
ثم قال: ولا يعرف لها رواية إلا في هذا الحديث.
قلت: لا، فلحميدة ثلاثة أحاديث، هذا أحدها.
قال: ولا يثبت هذا الخبر من وجه من الوجوه وسبيله سبيل المعلول.
قلت: لا واللَّه، فله طريق آخر لا شك في صحتها، وقد أوضحت ذلك كله في الأصل بزيادة فوائد)) اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر ((تلخيص الحبير)) (1/ 42): ((أما قوله: إنهما لا يعرف لهما إلا هذا الحديث، فمتعقب بأن لحميدة حديثا آخر في تشميت العاطس. رواه أبو داود، ولها ثالث رواه أبو نعيم في ((المعرفة)). وأما حالهما فحُميدة روى عنها مع إسحاق ابنُه يحيى وهو ثقة عند ابن معين، وأما كبشة فقيل: إنها صحابية، فإن ثبت فلا يضر الجهل بحالها والله أعلم. وقال ابن دقيق العيد: لعل من صحَّحه اعتمد على تخريج مالك، وأن كل من خرج له فهو ثقة عند ابن معين)).
قلت: لم يبق من كلام ابن منده مما لا يتوجه دفعه بسهولةٍ إلا وصفه كبشة بنت كعب بالجهالة، فهى كذلك على الأرجح، وأما القول بصحبتها فهو قول ابن حبان، وذلك مصيراً منه إلى أنها زوجة أبى قتادة الأنصارى، وهو وهم.
قال فى ((الثقات)) (3/ 357/1181): ((كبشة بنت كعب بن مالك، كانت تحت أبى قتادة الأنصارى. لها صحبة)). والصواب أنها تابعية، كانت تحت ابن أبى قتادة، كما هو ثابت فى الحديث من رواية القعنبى، وزيد ابن حباب وجماعة عن مالك، وقد خولفوا والصواب قولهم.
قال أبو داود (75): حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة عن كبشة بنت كعب بن مالك ـ وكانت تحت ابن أبي قتادة ـ أن أبا قتادة دخل فسكبت له وضوءاً، فجاءت هرة فشربت منه، فأصغى لها الإناء حتى شربت، قالت كبشة: فرآني أنظر إليه فقال: أتعجبين يا ابنة أخي! فقلت: نعم، فقال: إن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: ((إنَّها ليست بنجسٍ، إنها من الطوافين عليكم والطوافات)).
قال أبو القاسم الرافعى: ((ويدل عليه أن أبا قتادة قال لها: يا ابنة أخى، ولا يحسن نسبة الزوجة باسم المحارم)).
وقال أبو الحجاج المزى ((تهذيب الكمال)) (35/ 290/79164): ((كبشة بنت كعب بن مالك الأنصارية. روت عن أبى قتادة. وكانت تحت عبد اللَّه بن أبى قتادة. روت عنها بنت أختها حُميدة بنت عبيد بن رفاعة زوجة إسحاق بن عبد اللَّه بن أبى طلحة. ذكرها ابن حبان فى ((الثقات)). روى لها الأربعة)).
قلت: فإذ قد ثبت أن كبشة بنت كعب بن مالك تابعية لم يرو عنها إلا واحد، فقد ثبت أن محلها محل الجهالة، ومع هذا فقد خرَّج مالك حديثها فى ((الموطأ))، وصحَّحه الأماثل من الأئمة وأودعوه ((صحاحهم)).
¥