من جملة المجان , والمجانة مذمومة شرعا وعرفا , فيكون الذي يظهر المعصية قد ارتكب محذورين: إظهار المعصية وتلبسه بفعل المجان , قال عياض: وأما الإهجار فهو الفحش والخناء وكثرة الكلام , وهو قريب من معنى المجانة , يقال أهجر في كلامه , وكأنه أيضا تصحيف من الجهار أو الإجهار وإن كان المعنى لا يبعد أيضا هنا , وأما لفظ الهجار فبعيد لفظا ومعنى لأن الهجار الحبل أو الوتر تشد به يد البعير أو الحلقة التي يتعلم فيها الطعن ولا يصح له هنا معنى , والله أعلم. قلت: بل له معنى صحيح أيضا فإنه يقال هجر وأهجر إذا أفحش في كلامه فهو مثل جهر وأجهر , فما صح في هذا صح في هذا , ولا يلزم من استعمال الهجار بمعنى الحبل أو غيره أن لا يستعمل مصدرا من الهجر بضم الهاء.

قوله: (البارحة)

هي أقرب ليلة مضت من وقت القول , تقول لقيته البارحة , وأصلها من برح إذا زال. وورد في الأمر بالستر في الأمر حديث ليس على شرط البخاري وهو حديث ابن عمر رفعه " اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها , فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله " الحديث أخرجه الحاكم , وهو في " الموطأ " من مرسل زيد بن أسلم , قال ابن بطال: في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله وبصالحي المؤمنين , وفيه ضرب من العناد لهم , وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف , لأن المعاصي تذل أهلها , ومن إقامة الحد عليه إن كان فيه حد ومن التعزير إن لم يوجب حدا , وإذا تمحض حق الله فهو أكرم الأكرمين ورحمته سبقت غضبه , فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة , والذي يجاهر يفوته جميع ذلك , وبهذا يعرف موقع إيراد حديث النجوى عقب حديث الباب , وقد استشكلت مطابقته للترجمة من جهة أنها معقودة لستر المؤمن على نفسه والذي في الحديث ستر الله على المؤمن , والجواب أن الحديث مصرح بذم من جاهر بالمعصية فيستلزم مدح من يستتر , وأيضا فإن ستر الله مستلزم لستر المؤمن على نفسه , فمن قصد إظهار المعصية والمجاهرة بها أغضب ربه فلم يستره , ومن قصد التستر بها حياء من ربه ومن الناس من الله عليه بستره إياه , وقيل إن البخاري يشير بذكر هذا الحديث في هذه الترجمة إلى تقوية مذهبه أن أفعال العباد مخلوقة لله.

أركان الإسلام | القرآن الكريم | الحديث الشريف | القاموس الإسلامي | الفتاوى الاقتصادية

الزكاة للأفراد | جامع الفقه الإسلامي | الحج والعمرة | السيرة النبوية | فقه المعاملات | ابن تيمية | التاريخ الإسلامي | المواريث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015