أخي لا بأس إذا كنت لا تفهم كلامي فبعض الإخوة غيرك يفهم، ولذلك أستمر بالكتابة.
الأصوليون لا علاقة لهم بعلم الحديث. نعم، يتحدثون في كتبهم عنه، لكنهم أجانب عن هذا العلم الشريف. هل اختصاصهم في الأصول وعلم الكلام، وليس في علم الحديث. وما رأيك بمن يقول بكل صراحة عن نفسه (أنا بضاعتي في الحديث مزجاة) (البداية 311/ 2)؟
وهو صادقٌ في مقولته. قال ابن الجوزي في "المنتظم": «وذكر في كتاب "الإحياء" من الأحاديث الموضوعة وما لا يصح غير قليل. وسبب ذلك قلة معرفته بالنقل. فليته عرض تلك الأحاديث على من يعرف. وإنما نقَل نقْل حاطب ليل».
والحقيقة أن كتب الأصول هي أكبر مجمع للأحاديث الموضوعة (إذا استثنينا كتب الترغيب)، وهم يحتجون بها ويؤسسون عليها أصولهم، ولا يستطيعون التمييز بين الصحيح والضعيف. وكم من حديث في الصحيح أنكروه، وكم من موضوع احتجوا به.
قال الإمام ابن تيمية دقائق التفسير (2\ 168): عن أحدهم: «لم يكن له بالصحيحين –البخاري ومسلم– وسنن أبي داود والنسائي والترمذي وأمثال هذه السنن، علمٌ أصلاً! فكيف بالموطأ ونحوه؟! وكان –مع حرصه على الاحتجاج في مسائل الخلاف في الفقه– إنما عمدته سنن أبي الحسن الدارقطني. وأبو الحسن –مع تمام إمامته في الحديث– فإنه إنما صنف هذه السنن كي يذكر فيها الأحاديث المستغربة في الفقه ويجمع طرقها (يعني أشبه بكتب العلل)، فإنها هي التي يحتاج فيها إلى مثله. فأما الأحاديث المشهورة في الصحيحين وغيرهما، فكان يستغني عنها في ذلك. فلهذا كان مجرد الاكتفاء بكتابه في هذا الحديث، يورث جهلاً عظيماً بأصول الإسلام. واعتبر ذلك بأن كتاب أبي المعالي –الذي هو نخبة عمره– "نهاية المطلب في دراية المذهب" ليس فيه حديثٌ واحدٌ معزوٌّ إلى صحيح البخاري، إلا حديث واحد في البسملة. وليس ذلك الحديث في البخاري كما ذكره!».
وأوصيك أخي العزيز بكتاب رائع جداً ــ إن لم تقرأه ــ للشيخ حاتم الشريف وعنوانه ((المنهج المقترح لفهم المصطلح)). تجده في مكتبة منتدى أهل الحديث. وأنا متأكد أنه سيعجبك. وقد تطرق لهذه القضية بما لا أريد أن أزيد عليه. فلذلك أنتقل للب الموضوع.
quote:
--------------------------------------------------------------------------------
كاتب الرسالة الأصلية: hasanyousef
[ كلامي دقيق. فأنا تحدثت عن العلماء المتقدمين، وهم أعلم بمرات ممن جاء بعدهم. وهؤلاء ضعفوا الحديث. ومما لا شك أنه وإذا تكلم المتقدمون سكت من دونهم!!]
عجيب أن تعتبر الخطيب البغدادي أنه أقل!!
[/ رضي الله عنه]
--------------------------------------------------------------------------------
طبعاً هو أقل من البخاري وأحمد وابن معين وابن المديني والنسائي وغيرهم من الجهابذة الكبار. هذا لا يختلف فيه أحد.
ولا يخفى على أحد أن علم الحديث كان خلال القرون الأولى حيا بين أهله؛ لأنهم هم الذين سايروا مراحل نموه وتطوره، وواجهوا الأخطار التي أحدقت به بما يدفعها، وهم الذين وضعوا قواعده وأتموا بناءه، حتى اكتمل. وأنه بعد ذلك ابتدأ في التناقص، حتى وصل الى درجة الغربة (كما صرح بذلك ابن الصلاح ت 643ه). ولذلك غمضت على المتأخرين كثير من معالمه، وخفيت عليهم معاني بعض مصطلحاته، وصاروا يصرحون في مواطن كثيرة (بلسان الحال والمقال) أنهم مفتقرون الى الإستقراء والدراسة لأقوال المتقدمين ومناهجهم لاستيضاح معالم علم الحديث ومعاني مصطلحاته التي كانت حية واضحة المعالم عند المتقدمين.
وبذلك يظهر لنا الفرق الكبير بين الفريقين، إنه كالفرق بين: من كان من أهل الإحتجاج بلغته من العرب (فهم أهل اللغة)، ومن جاء بعد انقراض هؤلاء ممن صنف كتب اللغة 0 بل من جاء بعدهم بزمن، وبعد أن ضعف العلم باللغة كما ضعفت العلوم الأخرى!!!
قال الذهبي في ترجمة الإسماعيلي صاحب المستخرج على صحيح البخاري: " صنف (يعني الإسماعيلي) مسند عمر رضي الله عنه، طالعته و علقت منه وابتهرت بحفظ هذا الإمام، وجزمت بأن المتأخرين على إياس من أن يلحقوا المتقدمين ".
¥